السبت، 2 أكتوبر 2010

التوبة من المكاسب المحرمة وأحكامها في الفقه الإسلامي


التوبة من المكاسب المحرمة وأحكامها في الفقه الإسلامي

تأليف
د. خالد بن عبد الله المصلح
الأستاذ المساعد بكلية الشريعة وأصول الدين
جامعة القصيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، أحلَّ لنا الطيبات، وحرَّم علينا الخبائث، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الأطهار، وأصحابه الأخيار وعلى من اتبع سنته بإحسان.
أما بعد:
فإن طيب الكسب وطلب الحلال وتحريه من آكد ما يجب على أهل الإيمان ولاسيما زمن الاشتباه، وذلك لعظيم أثر الكسب الحرام في منع الخير وحبسه روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين. فقال: (ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ)([1]). وقال: (ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ)([2])، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء؛ يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟))([3]).
ولما كان فشو المكاسب المحرمة وانتشارها من سمات هذا العصر، وهو تصديق ما أخبر به النبي r عما يكون في آخر الزمان، ففي صحيح البخاري من حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي r أنه قال: ((ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال أمن الحلال أم من الحرام))([4]) -كان بيان أحكام التوبة من المكاسب المحرمة وسبيل السلامة منها أمرًا ملحًا. فإن كثيرًا ممن قد تورط في كسب حرام يفيق بعد غفلة، ويثب بعد إدبار، فيحتاج إلى توضيح معالم طريق التوبة وبيان ما قد يشكل عليه من مسائلها.
لذا فقد استعنت الله تعالى في بيان ذلك، وتوضيحه من خلال ما جاء في كتاب الله من الآيات المباركات، ومن خلال ما ثبت في سنة رسوله r من الأحاديث.
وقد تناولت بحث المسألة على النحو التالي:
الأول: تمهيد: بينت فيه حقيقة المكاسب المحرمة.
الثاني: المبحث الأول: المكاسب المحرمة الحاصلة من غير تراض.
وفيه أربعة مطالب:
المطلب الأول: الملك في هذا النوع من المكاسب.
المطلب الثاني: أرباح هذا النوع من المكاسب المحرمة.
المطلب الثالث: موجَب ضمان هذا النوع من المكاسب المحرمة.
المطلب الرابع: التوبة من هذا النوع من المكاسب المحرمة.
الثالث: المبحث الثاني: المكاسب المحرمة الحاصلة بتراض.
وفيه ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: أقسام المكاسب المحرمة الحاصلة بتراض.
المطلب الثاني: ملك هذا النوع من المكاسب المحرمة.
المطلب الثالث: التوبة من هذا النوع من المكاسب. 
الرابع: خاتمة ضمنتها أهم نتائج البحث.
ومما يجدر التنبيه إليه أن أصل هذا البحث قد عُرِض على شيخنا العلامة الشيخ محمد الصالح العثيمين رحمه الله، فعلَّق عليه جملة من التعليقات الماتعة، فتتميمًا للفائدة فقد أشرت إلى تعليقاته في الحاشية بقولي: قال شيخنا.
والله أسأل أن يوفقني إلى الصواب والسداد. وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

تمهيد: حقيقة المكاسب المحرمة

التعريف بالمكاسب المحرمة يحتاج إلى التعريف بمفرداته كل على حدةٍ.
فالمكاسب جمع مكسب مأخوذ من كَسَبَ، وهو طلب الرزق وابتغاؤه، وأصله الجمع والتحصيل([5]).
وقيل: ما يتحراه الإنسان مما فيه اجتلاب نفع، وتحصيل حظ، ككسب المال([6]).
فالمكاسب هي ما يحصل ويجتمع من المال بالاكتساب سواء أكان من حلال أم من حرام([7]).
أما المحرمة (بضم الميم وفتح الحاء وتشديد الراء المفتوحة) فمصدر حَرُمَ، ومعناه في الأصل المنع والحظر، فالمحرمة هي الممنوعة والمحظورة([8]).
فالمكاسب المحرمة: هي الأموال التي تحصلتْ أو اجتمعت من طريق ممنوع شرعًا.
وحصول المكاسب المحرمة له طرق عديدة متنوعة يمكن إجمالها في طريقين رئيسين([9]):
الطريق الأول: أن يكون الكسب حاصلاً من غير تراضٍ؛ وهي المكاسب التي انتقلت من يد مالكها دون رضى منه؛ كالمسروق والمغصوب والخيانة ونحوهما.
الطريق الثاني: أن يكون الكسب حاصلاً بالتراضي؛ وهي المكاسب التي انتقلت من يد مالكها برضى منه؛ كالناتج عن العقود المحرمة مثل الربا والميسر والغرر وكذا ثمن الأعيان كثمن الخمر والمخدرات أو أجرة المنافع المحرمة كالرشوة والزنا والكهانة ونحوهما.
وسأتناول كل طريق من الطريقين، وما يتصل به من أحكام في مبحث مستقل.

المبحث الأول: المكاسب المحرمة الحاصلة من غير تراض

المطلب الأول: الملك في هذا النوع من المكاسب

الأصل أن هذه المكاسب المحرمة باقية على ملك أصحابها، لكن قد يختلف ذلك باختلاف ما يطرأ عليها من طوارئ، وهذه الطوارئ في الجملة على ثلاثة أنواع، بيانها في الفروع التالية.

الفرع الأول: الملك حال كون هذه المكاسب باقية

لا خلاف بين أهل العلم في أن ملك هذا النوع من المكاسب المحرمة باقٍ لأصحابها. وأن الواجب فيها أن ترد إليهم إن كانت العين قائمة، وكان أصحابها معروفين، ولم يطرأ عليها زيادة أو نقصان([10]).
قال ابن هبيرة: ((واتفقوا على أنه يجب على الغاصب رد المغصوب إن كانت عينه قائمة، ولم يخف من نزعها إتلاف نفس))([11]).
قال الشوكاني رحمه الله: ((ومجمع على وجوب رد المغصوب إذا كان باقيا))([12]).

الفرع الثاني: الملك حال كون هذه المكاسب تالفة

إذا كانت هذه المكاسب المحرمة قد استهلكت كليًّا، أو تعذر ردها لأصحابها فيختلف حكمها باختلاف حالها، وهي لا تخلو من حالين:
الحال الأولى: أن تكون هذه المكاسب المحرمة مثلية([13]).
فالواجب رد مثلها بالاتفاق. قال ابن رشد: ((فإذا ذهبت عينه فإنهم اتفقوا على أنه إذا كان مكيلاً أو موزونًا؛ أن على الغاصب المثل، أعني مثل ما استهلك صفة ووزنًا))([14]).
الحال الثانية: أن تكون هذه المكاسب المحرمة أعيانًا قيمية، أو مثلية تعذر مثلها.
فالواجب على الكاسب حينئذ رد القيمة، وهذا متفق عليه بين الأئمة الأربعة([15]).
إلا أنهم اختلفوا في وقت احتساب قيمة هذه المكاسب المحرمة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن المعتبر هو قيمة العين يوم الغصب. وهو مذهب الحنفية([16])، والمالكية في المشهور([17])، وبه قال شيخ الإسلام ابن تيمية([18]).
القول الثاني: أن المعتبر هو قيمة العين يوم التلف أو التعذر. وهو المذهب عند الحنابلة([19]).
القول الثالث: أن المعتبر هو أقصى قيمته من يوم غصبه إلى يوم تلفه أو تعذره. وهذا مذهب الشافعية([20]).
وأقرب هذه الأقوال أن المعتبر هو قيمة العين يوم التلف أو التعذر؛ لأن العين لم تزل مملوكة لأصحابها إلى يوم تلفها أو تعذرها، فهي تالفة على ملك أصحابها([21]).

الفرع الثالث: الملك حال كون هذه المكاسب قد تغيرت

الملك يتأثر في هذه الحال بنوع التغيرات الطارئة على هذه المكاسب المحرمة. وهي ثلاثة أنواع في الجملة: إما أن تتغير العين كليًا، وإما أن تتغير العين بزيادة، أو نقص. وبيان أثر هذا التغير يتضح في المسائل التالية:

المسألة الأولى: التغير الكلي

حقيقة هذا النوع من التغير هو أن تتغير هذه المكاسب المحرمة بحيث يفوت مقصود المالك الأصلي منها؛ أو أن تتغير بما يزيل اسمها عنها.
مثل ما لو غصب عصيرًا فتخمر أو حنطة فطحنها أو حديدًا فاتخذه سيفًا، وكذلك ما لو سرق مواد خام من حديد أو خشب أو غيرها ثم استعملها في بناء أو صناعة ونحو ذلك.
فللعلماء في أثر هذه التغيرات على ملك هذا النوع من المكاسب المحرمة قولان في الجملة:
القول الأول: أن ملك هذه المكاسب المحرمة باقٍ لأصاحبها.
وانقسم هؤلاء إلى ثلاث فِرق:
الفرقة الأولى: من قال: إن ملك هذه المكاسب المحرمة باقٍ لأصاحبها، وعلى الكاسب ضمان النقص، وبه قال الشافعي في الغصب([22])، وهو المذهب عند الحنابلة([23]).
الفرقة الثانية: من قال: إن ملك هذه المكاسب المحرمة باقٍ لأصاحبها، لكن للمالك الخيار بين أخذها وتضمين النقص، وبين المطالبة بالبدل. وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال عنه: ((وهذا أعدل الأقوال، وأقواها))([24]).
الفريق الثالث: من قال: إن ملك هذه المكاسب المحرمة باقٍ لأصاحبها، لكن فرق بين ما إذا كان التغير بآفة سماوية أو بفعل الكاسب؛ فإن تغير في يده فالمالك مخير بين أخذه بنقصه أو تضمينه القيمة، ولو كان النقص بتعديه خيّر أيضًا في أخذه وأخذ ما نقصه، أو أخذ قيمته يوم الغصب([25]).
القول الثاني: أن ملك هذه المكاسب المحرمة ينتقل إلى ملك الكاسب، ويضمنه لصاحبه، وبه قال أبو حنيفة في الغصب([26])، وهو قول عند الحنابلة([27]).
والراجح أن ملك هذه المكاسب المحرمة باق لأصحابها، وأن المالك مخير بين أخذها وتضمين النقص، وبين المطالبة بالبدل سواء أتغيرت بتعد أم بتفريط أم بغير ذلك.
وعلة ذلك أن يد الكاسب ليست يدًا أمينة، فهو ضامن على كل حال، وقد قال النبيe: ((ليس لعرق ظالم حق))([28]).

المسألة الثانية: التغير بالنقص

حقيقة هذا النوع من التغير هو أن يطرأ نقص على هذه المكاسب المحرمة.
وهذا النوع من التغير لا يؤثر في زوال ملك هذه المكاسب، فهي على ملك أصحابها. وهذا مذهب الحنفية([29])، وقول عند المالكية([30])، وبه قال الشافعية([31])، والحنابلة([32]).
وبناء عليه فإنه يجب على الكاسب أن يرد العين، ويضمن النقص الذي حصل، إلا أن الحنفية استثنوا الربويات، فقالوا: لا يمكنه تضمين النقصان مع استرداد الأصل؛ لأنه يؤدي إلى الربا فليس له إلا أخذه ناقصًا أو أخذ القيمة([33]).
وذهب المالكية إلى التفريق بين ما إذا كان النقص حاصلًا بفعل الغاصب أو حاصلًا بفعل الله تعالى([34]).
فإن كان النقصان حاصلًا بفعل الله تعالى فليس للمالك إلا أن يأخذ هذه المكاسب المحرمة ناقصة أو يضمن قيمتها يوم كسبها.
أما إن كان النقص بجناية من الكاسب فللمالك أن يضمنه القيمة يوم كسبه أو يأخذ الكسب المحرم مع قيمة ما أنقصته الجناية.
والراجح هو ما ذهب إليه الجمهور من وجوب رد هذه المكاسب المحرمة، وضمان النقص. وأما التفريق بين الربويات وغيرها فلا وجه له؛ لأن هذا ليس بيعًا يشترط فيه ما يشترط في البيع.

المسألة الثالثة: التغير بالزيادة

حقيقة هذا النوع من التغير هو أن يطرأ زيادة على أعيان هذه المكاسب المحرمة.
وهذا النوع من التغير لا يؤثر في زوال ملك هذه المكاسب، فهي على ملك أصحابها. وهذا هو مذهب الشافعية([35]).
وذهب الحنابلة في رواية إلى أنه إذا زادت هذه المكاسب المحرمة بعمل كاسبها فإنه يكون شريكًا بالزيادة؛ لأن الزيادة حصلت بمنافعه، والمنافع تجري مجرى الأعيان([36]). وهذا القول من حيث النظر أقرب إلى تحقيق العدل.

المطلب الثاني: أرباح هذا النوع من المكاسب المحرمة

اختلف العلماء رحمهم الله في أرباح وعوائد هذا النوع من المكاسب المحرمة الحاصلة من غير تراض في ملك من تدخل على أقوال:
القول الأول: أن هذه الأرباح والعوائد لا تحل للكاسب ولا للمالك، بل يجب التصدق بها تخلصًا. وهذا مذهب الحنفية([37])، وهو رواية عن الإمام أحمد([38]).
ووجه هذا القول أن هذه المكاسب حصلت بسبب خبيث؛ وهو التصرف في ملك الغير دون إذنه، وما هذا حاله فسبيله التصدق به؛ إذ الفرع يحصل على وصف الأصل.
القول الثاني: التفصيل، فما نتج من الأرباح من غير عمل الكاسب كنسل حيوان، ولبنه، وصوفه، ومنفعة العقار، ونحو ذلك فليس للكاسب منها شيء، بل هي لصاحب هذه المكاسب المحرمة. أما إن كانت ناشئة عن عمل الكاسب، فهي للكاسب. وهذا مذهب المالكية([39]). لكنهم قالوا: إن الأرباح لا تطيب للكاسب إلا إذا رد رأس المال إلى صاحبه([40]).
القول الثالث: أن هذه الأرباح والعوائد لأصحاب هذه المكاسب المحرمة، وليس للكاسب منها شيء. وهذا مذهب الشافعية([41])، والحنابلة([42]).
ووجه أنه نماء ملكه فصار كالثمرة والولد. قال ابن حزم رحمه الله: ((وكل ما تولد من مال المرء فهو له باتفاق خصومنا معنا، فمن خالف ما قلنا فقد أباح أكل مال بالباطل، وأباح المال الحرام، وخالف القرآن والسنن بلا دليل أصلًا))([43]).
القول الرابع: أن هذه الأرباح والعوائد التي حصلت بعمل من الكاسب يكون الكاسب فيها شريكًا للمالك. وهذا رواية عن أحمد([44])، رجحها شيخ الإسلام ابن تيمية([45])، وابن القيم([46]).
وعلى هذا القول يملك الكاسب حصته من الربح، وما بقى مع الأصل فهو للمالك([47]).
ووجه هذا القول ما فعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه مع ابنيه عبيدالله وعبدالله([48])، فإنه ((لما أقرض أبو موسى الأشعرى ابنيه من مال الفيء مائتي ألف درهم وخصهما بها دون سائر المسلمين.
ورأى عمر بن الخطاب أن ذلك محاباة لهما لا تجوز، وكان المال قد ربح ربحًا كثيرًا بلغ به المال ثمانمائة ألف درهم، أمرهما أن يدفعا المال وربحه إلى بيت المال، وأنه لا شيء لهما من الربح؛ لكونهما قبضا المال بغير حق.
فقال له ابنه عبيد الله: إن هذا لا يحل لك، فإن المال لو خسر، وتلف كان ذلك من ضماننا، فلماذا تجعل علينا الضمان، ولا تجعل لنا الربح؟ فتوقف عمر.
فقال له بعض الصحابة: نجعله مضاربة بينهم وبين المسلمين لهما نصف الربح وللمسلمين نصف الربح، فعمل عمر بذلك.
وهذا مما اعتمد عليه الفقهاء في المضاربة، وهو الذى استقر عليه قضاء عمر بن الخطاب، ووافقه عليه أصحاب رسول الله، وهو العدل. فإن النماء حصل بمال هذا وعمل هذا، فلا يختص أحدهما بالربح، ولا تجب عليهم الصدقة بالنماء. فإن الحق لهما لا يعدوهما. بل يجعل الربح بينهما كما لو كانا مشتركين شركة مضاربة))([49]).
ولعل هذا القول أقرب هذه الأقوال إلى الصواب، والله تعالى أعلم.
وقد فصل ابن رشد رحمه الله في المسألة تفصيلًا جيدًا([50])، فأجمل أقوال العلماء في اتجاهين:
الأول: من ذهب إلى أن حكم الغلة حكم الشيء المغصوب؛ وعليه يلزم الغاصب الغلة يوم قبضها أو أكثر ما انتهت إليه قيمتها على قول من يرى أن الغاصب يلزمه أرفع القيم من يوم غصبها لا قيمة الشيء المغصوب يوم الغصب.
الثاني: من ذهب إلى أن حكم الغلة يخالف حكم المغصوب فهؤلاء اختلفوا كثيرًا([51]).

المطلب الثالث: موجَب ضمان هذا النوع من المكاسب المحرمة

لأهل العلم رحمهم الله في موجب الضمان في هذا النوع من المكاسب المحرمة الحاصلة من غير تراض ثلاثة أقوال.
القول الأول: أن الواجب القيمة في غير المكيل والموزون. وهو قول الحنفية([52])، والمالكية([53])، والشافعية([54])، والحنابلة([55]).
القول الثاني: أن الواجب المثل في الجميع. وهو وجه في مذهب أحمد، وبه قال العنبري، وقد نصره الحارثي([56]).
القول الثالث: أن الواجب المثل في غير الحيوان.
وقد نص على هذا الشافعي في الجدار المهدوم ظلمًا يعاد مثله في قول([57])، وكذا إذا أسقط لبنة أو لبنات من الجدار([58])، وكذلك أحمد في الثوب والقصعة ونحوهما([59]).
والصحيح من هذه الأقوال أنه يجب المثل في الجميع في الحيوان وغيره بحسب الإمكان([60]). وقد رجحه ابن حزم([61])، وابن تيمية([62])، وابن القيم([63]).
ودليل ذلك ما رواه البخاري([64]) من حديث أنس رضي الله عنه أن رسول الله e كان عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بقصعة فيها طعام، فضربت بيدها فكسرت القصعة، فأخذ النبي e الكسرتين، فضم إحداهما إلى الأخرى، وجعل يجمع فيهما الطعام، ويقول: غارت أمكم، كلوا. فأكلوا. وحبس رسول الله e حتى جاءت قصعة التي هو في بيتها، فدفع القصعة إلى الرسول، وحبس المكسورة.
وفي رواية الترمذي([65]) أنه قال e: ((طعام بطعام وإناء بإناء)).
قال ابن القيم في الاستدلال لهذا القول: ((وقضى عثمان وابن مسعود على من استهلك لرجل فصلانًا بفصلان مثلها.
وبالمثل قضى شريح والعنبري. وقال به قتادة وعبدالله بن عبد الرحمن الدارمي، وهو الحق، وليس مع من أوجب القيمة نص، ولا إجماع، ولا قياس))([66]).

المطلب الرابع: التوبة من هذا النوع من المكاسب المحرمة

الفرع الأول: التوبة مع إمكان ردها إلى أصحابها

إذا أمكن رد هذه المكاسب المحرمة الحاصلة من غير تراض إلى أصحابها فلا خلاف أنه لا تحصل التوبة، ولا الخروج من الذنب إلا بردها إليهم([67]).
وهذا الحكم مستفاد من نصوص كثيرة، وغالب ما يذكره أهل العلم في الاستدلال لذلك دليلان:
الدليل الأول: ما روى أحمد([68])، وغيره([69]) من حديث الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((على اليد ما أخذت حتى تؤدي)).
الدليل الثاني: ما رواه أحمد([70]) وأبوداود([71]) من حديث السائب بن يزيد عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يأخذن أحدكم متاع صاحبه لاعبًا ولا جادًا. وإذا أخذ أحدكم عصا أخيه فليرددها عليه)).

الفرع الثاني: التوبة مع عدم إمكان ردها إلى أصحابها

إذا لم يمكن رد هذه المكاسب المحرمة الحاصلة من غير تراض إلى أصحابها، فللعلماء رحمهم الله في طريقة التوبة من هذه الأموال قولان في الجملة:
القول الأول: أنه لا توبة لكاسب هذه الأموال المحرمة إلا بإرجاع المال إلى أهله، فإن تعذر فقد تعذرت عليه التوبة من حقوق أصحابها والقصاص أمامه يوم القيامة بالحسنات والسيئات. فليستكثر من الحسنات ليتمكن من الوفاء.
وقد استدل لهذا القول بما رواه مسلم([72]) وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: ((لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول)). وغيره من الأحاديث التي في معناه.
فإن ظاهر هذه الأحاديث أن التصدق بهذه المكاسب المحرمة لا يفيد كاسبها. وعليه فإنه لا توبة لكاسب هذه الأموال المحرمة إلا بإرجاعها إلى أهله.
قال ابن العربي رحمه الله: ((فالصدقة من مال حرام في عدم القبول واستحقاق العقاب كالصلاة بغير طهور في ذلك))([73]).
وجه ذلك أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تقبل صدقة من غلول)) يدل على ((أن الغال لا تبرأ ذمته إلا برد الغلول إلى أصحابه لا([74]) بأن يتصدق به إذا جهلهم.
والسبب فيه أنه من حق الغانمين، فلو جهلت أعيانهم لم يكن له أن يتصرف فيه بالصدقة على غيرهم))([75]).
وإذا ثبت هذا في الغلول فإنه ينجر على بقية المكاسب المحرمة التي من هذا النوع للجامع بينها.
ووجه تخصيص الغلول بالذكر مع كون ((الحكم عامًا لجميع الأموال المحرمة- كثمن الخمر وأجرة المزنية والربا والسرقة ونحوها- أن الغنيمة فيها حق لجميع المسلمين، فإذا كان التصدق من المال الذي فيها حق غير مقبولة فأولى ألا تقبل من المال الذي ليس فيه حق))([76]).
وقد نوقش هذا الاستدلال بأنه محمول على ((الذي يحوز المال ويتصدق به مع إمكان رده إلى صاحبه، أو يتصدق صدقة متقرب كما يتصدق بماله، فالله لا يقبل ذلك منه)) ([77]).
وأما من يخرج المكاسب المحرمة لجهل أهلها أو عدم إمكان ردها إليهم ((فإنما يتصدق به صدقة متحرج متأثم، فكانت صدقته بمنزلة أداء الدَين الذي عليه، وأداء الأمانات إلى أصحابها، وبمنزلة إعطاء المال للوكيل المستحق ليس هو من الصدقة الداخلة في قوله:ولا صدقة من غلول))([78]).
قال أبو حامد الغزالي رحمه الله: ((أما قول القائل لا نتصدق إلا بالطيب، فذلك إذا طلبنا الأجر لأنفسنا، ونحن الآن نطلب الخلاص من المظلمة لا الأجر))([79]).
واحتج القائلون بأنه لا توبة لكاسب هذه الأموال المحرمة إلا بإرجاع المال إلى أهله بأن هذا حق لآدمي لم يصل إليه، وحقوق بني آدم مبنية على المشاحة، فلا بد من استيفائها في الدنيا أو في الآخرة.
وقد نوقش هذا بأن الرد واجب مع الإمكان، والمال الذي لا يعرف مالكه يسقط وجوب رده لعدم الإمكان. وإمساكه محرم فلم يبق سبيل إلا التصدق به وإلا تعطل. وتعطيل الانتفاع به لا يجوز لما فيه من المفسدة والضرر بمالكه وبالفقراء وبمن هو في يده([80]).
وقد اختلف أصحاب هذا القول فيما يعمل بهذه الأموال؟
فقالت طائفة: حكمها حكم الأموال الضائعة تدفع لبيت المال، تحفظ لأربابها أبدًا. وبهذا قال جماعة من الشافعية([81])، قال بعضهم: هو مذهب الشافعي، والمشهور عنه([82]).
وذهب الفضيل بن عياض إلى أن الواجب إتلاف المال المحرم. ولا يجوز أن يتصدق به. قال: لا يتقرب إلى الله إلا بالطيب([83]).
وقد نوقش هذا القول بأنه سواء قيل بوقفها والاحتفاظ بها، أو قيل بإتلافها فإنه يلزم منه تعطيل هذه الأموال عن الانتفاع بها، ويترتب على ذلك حصول ((المفسدة والضرر بمالكه، وبالفقراء، وبمن هو في يده.
أما المالك فلعدم وصول نفعه إليه. وكذلك الفقراء.
وأما من هو في يده فلعدم تمكنه من الخلاص من إثمه فيغرمه يوم القيامة من غير انتفاع به. ومثل هذا لا تبيحه شريعة فضلا عن أن تأمر به وتوجبه. فإن الشرائع مبناها على المصالح بحسب الإمكان وتكميلها وتعطيل المفاسد بحسب الإمكان وتقليلها. وتعطيل هذا المال ووقفه ومنعه عن الانتفاع به مفسدة محضة لا مصلحة فيها فلا يصار إليه)) ([84]).
كما أن هذا القول يتضمن إضاعة الأموال التي نهى الله عنها ورسوله([85]).
القول الثاني: أن لكاسب هذه الأموال المحرمة توبة منها. وقد اختلف أصحاب هولاء في طريقة التوبة إلى طائفتين:
الطائفة الأولى: أن من توبة الكاسب أن يتصدق بهذه المكاسب المحرمة عن أصحابها، وهي مضمونة لهم إن ظهروا أو أمكن ردها إليهم، فإن شاءوا أجازوا هذه الصدقة وأجرها لهم، وإلا لزم المعتدي بكسبها ردها إليهم. وبهذا قال أبو حنيفة([86])، ومالك([87])، وأحمد([88])، وغيرهم([89]).
ومما يستدل به لهذا القول أن الله تعالى أناط كل الواجبات بالاستطاعة. فقال: (ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ)([90]). والمال الذي لا يعرف مالكه يسقط وجوب رده([91]).
واستدلوا أيضًا بما جاء عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، فقد جاء ذلك ((عن ابن مسعود، ومعاوية، وحجاج بن الشاعر. فقد روي أن ابن مسعود اشترى من رجل جارية ودخل يزن له الثمن، فذهب رب الجارية فانتظره حتى يئس من عوده، فتصدق بالثمن. وقال: اللهم هذا عن رب الجارية، فإن رضي فالأجر له، وإن أتى فالأجر لي وله من حسناتي بقدره.
وغل رجل من الغنيمة ثم تاب فجاء بما غله إلى أمير الجيش فأبى أن يقبله منه قال: كيف لي بإيصاله إلى الجيش، وقد تفرقوا؟ فأتى حجاج بن الشاعر، فقال: يا هذا إن الله يعلم الجيش وأسماءهم وأنسابهم، فادفع خمسه إلى صاحب الخمس، وتصدق بالباقي عنهم، فإن الله يوصل ذلك إليهم- أو كما قال-. ففعل فلما أخبر معاوية، قال: لأن أكون أفتيتك بذلك أحب إلي من نصف ملكي)) ([92]).
واستدلوا أيضًا بالقياس على ((اللقطة إذا لم يجد ربها بعد تعريفها، ولم يرد أن يتملكها تصدق بها عنه فإن ظهر مالكها خيره بين الأجر والضمان.
قالوا: ولأن المجهول في الشرع كالمعدوم، فإذا جهل المالك صار بمنزلة المعدوم، وهذا مال لم يعلم له مالك معين ولا سبيل إلى تعطيل الانتفاع به لما فيه من المفسدة والضرر بمالكه وبالفقراء وبمن هو في يده؛ أما المالك: فلعدم وصول نفعه إليه، وكذلك الفقراء))([93]).
الطائفة الثانية: أن على الكاسب أن يصرف هذه المكاسب المحرمة إلى بيت المال؛ لتصرف في مصالح المسلمين. وبهذا قال الشافعية([94]).
واحتجوا بأن ولي الأمر ونوابه أعلم بأوجه المصالح من الكاسب، فكانوا أولى بالتصرف منه، فتعين صرفها إلى بيت المال([95]).
والذي يترجح في أصل المسألة أن للكاسب توبة. وأن الواجب عليه عند جمهور العلماء أن يتصدق بها في مصالح المسلمين العامة، وعليه أن يجتهد في طلب أطيب المصارف وأنفعها، لا تتم التوبة منها إلا بهذا([96]).

الفرع الثالث: رد المكاسب المحرمة لورثة أصحابها

لأهل العلم قولان في براءة ذمة الكاسب إذا رد المكاسب المحرمة إلى الورثة.
القول الأول: أن الكاسب يبرأ في الدنيا والآخرة برد المكاسب المحرمة إلى الورثة. وهو مذهب الحنفية([97])، والشافعية([98])، والحنابلة([99]).
واحتجوا بأنه قد رد المال إلى مستحقه فبرأ من إثمه([100]).
القول الثاني: أن الكاسب يبرأ في الدنيا دون الآخرة برد المكاسب المحرمة إلى الورثة. وهذا قول طائفة من أصحاب مالك وأحمد([101]).
واحتجوا بأنه منع صاحب المال من الانتفاع بماله طوال حياته ومات ولم ينتفع به، وهذا ظلم لم يستدركه هو، وإنما انتفع غيره باستدراكه.
والأقرب التفصيل، فيقال إن كانت العين باقية، وطالب بها مالكها حتى مات، انتقل حق المطالبة إلى ورثته في الدنيا والآخرة لاستحقاقهم بالميراث.
أما إن هلكت العين في حياته فليس لورثته المطالبة بها في الآخرة لتلفه قبل انتقال الحق إليهم.
قال ابن القيم رحمه الله: ((إن تمكن الموروث من أخذ ماله، والمطالبة به فلم يأخذه حتى مات صارت المطالبة به للوارث في الآخرة كما هي كذلك في الدنيا.
وإن لم يتمكن من طلبه وأخذه بل حال بينه وبينه ظلمًا وعدوانًا، فالطلب له في الآخرة.
وهذا تفصيل من أحسن ما يقال؛ فإن المال إذا استهلكه الظالم على الموروث، وتعذر عليه أخذه صار بمنزلة عبده الذي قتله قاتل، وداره التي أحرقها غيره، وطعامه وشرابه الذي أكله وشربه غيره.
ومثل هذا إنما تلف على الموروث لا على الوارث، فحق المطالبة به لمن تلف على ملكه.
يبقى أن يقال: فإذا كان المال عقارًا أو أرضًا أو أعيانًا قائمة باقية بعد الموت، فهي ملك للوارث يجب على الغاصب دفعها إليه في كل وقت، فإذا لم يدفع إليه أعيان ماله استحق المطالبة بها عند الله كما يستحق المطالبة بها في الدنيا))([102]).
وبناء على ما تقدم فإن من فوَّت على غيره منفعة ماله بحبسه عنه لحقه من الإثم بقدر ما جنى من الظلم، وإن رده([103]).
يشهد لذلك ما روى البخاري([104]) من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه، فطرحت عليه)).
قال ابن عابدين الحنفي : ((والمختار أن الخصومة في الظلم بالمنع للميت، وفي الدين للوارث))([105]).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الحديث: ((فبين النبي r أن الظلامة إذا كانت في المال طالب المظلوم بها ظالمه، ولم يجعل المطالبة لورثته، وذلك أن الورثة يخالفونه في الدنيا فما أمكن استيفاؤه في الدنيا كان للورثة، وما لم يمكن استيفاؤه في الدنيا، فالطالب به في الآخرة المظلوم نفسه))([106]). والله أعلم.

المبحث الثاني: المكاسب المحرمة الحاصلة بتراض

المطلب الأول: أقسام المكاسب المحرمة الحاصلة بتراض

المكاسب المحرمة الحاصلة بتراض؛ من المعاوضات والمتاجرات المالية؛ كثمن الأعيان المحرمة كالخمر، والميتة، والمخدرات أو الأجرات المحرمة كأجرة الغناء، والكهانة، والبغاء، وشهادة الزور، أو عوائد وأرباح المعاملات المحرمة كالمساهمات المحرمة ونحوها- يمكن تصنيفه في قسمين([107]):
القسم الأول: ما كان عينًا أو منفعة مباحة في نفسها، وإنما حرمت بالقصد، مثل: من باع عنبًا لمن يتخذه خمرًا، أو باع سلاحًا لمن يستعمله في قتال المسلمين وغير ذلك. فهذا الأصل فيه الحل، وإنما دخله التحريم من جهة القصد.
القسم الثاني: ما كان عينًا أو منفعة محرمة في نفسها كمهر البغي، وثمن الخمر. فهذا محرم، ولو لم تجر فيه معاوضة ببيع أو غيره. لا يقضى له به قبل القبض؛ لأن من شروط الإقباض كون العقد على عين أو منفعة مباحة، لكن لو قبضه لم يحكم برده له؛ لأن هذا معونة لهم على المعصية إذ حقيقة الأمر أننا جمعنا لهم بين العوض والمعوض.
قال ابن القيم: ((فلا يجوز أن يجمع له بين العوض والمعوض، فإن في ذلك إعانة له على الإثم والعدوان، وتيسير أصحاب المعاصي عليه، وماذا يريد الزاني وفاعل الفاحشة إذا علم أنه ينال غرضه، ويسترد ماله؟ فهذا مما تصان الشريعة عن الإتيان به، ولا يسوغ القول به، وهو يتضمن الجمع بين الظلم والفاحشة والغدر، وهن أقبح القبيح أن يستوفي عوضه من المزني بها ثم يرجع فيما أعطاها قهرًا، وقبح هذا مستقر في فطر جميع العقلاء، فلا تأتي به شريعة؛ لكن لا يطيب للقابض أكله، بل هو خبيث كما حكم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن خبثه لخبث مكسبه))([108]).

المطلب الثاني: ملك هذا النوع من المكاسب المحرمة

الكاسب في هذا النوع من المكاسب المحرمة لا يخلو من حالين من حيث ثبوت ملكه لهذه المكاسب:
الحال الأولى: أن يعتقد الكاسب إباحة هذه المكاسب أو لا يعلمه.
فهذه المكاسب يملك الكاسب منها ما قبضه إذا كان يجهل التحريم([109]). بخلاف ما لم يقبضه فلا يثبت ملكه له.
والأصل في ذلك قول الله تعالى: (ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ)([110]). فمن لم يبلغه التحريم فلا إثم عليه، وله ما قبض.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي: ((الله تعالى لم يأمر برد المقبوض بعقد الربا بعد التوبة.  وإنما أمر برد الربا الذي لم يقبض، وأنه قبض برضى ملكه فلا يشبه المغصوب.
ولأن فيه من التسهيل والترغيب في التوبة ما ليس في القول بتوقيف توبته على رد التصرفات الماضية مهما كثرت وشقَّت والله أعلم))([111]).
قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله في تقرير هذا المعنى: ((ويؤخذ من هذه الآية الكريمة أن الله لا يؤاخذ الإنسان بفعل أمر إلا بعد أن يحرمه عليه، وقد أوضح هذا المعنى في آيات كثيرة:
فقد قال في الذين كانوا يشربون الخمر، ويأكلون مال الميسر قبل نزول التحريم: (ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ)الآية([112]).
وقال في الذين كانوا يتزوجون أزواج آبائهم قبل التحريم: (ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ)([113])، أي: لكن ما سلف قبل التحريم، فلا جناح عليكم فيه. ونظيره قوله تعالى: (ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ)([114]).
وقال في الصيد قبل التحريم: ( )([115]).
وقال في الصلاة إلى بيت المقدس قبل نسخ استقباله: (ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ)([116]). أي: صلاتكم إلى بيت المقدس قبل النسخ.
ومن أصرح الأدلة في هذا المعنى أن النَّبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين لما استغفروا لأقربائهم الموتى من المشركين، وأنزل الله تعالى: (ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ)([117])، وندموا على استغفارهم للمشركين، أنزل الله في ذلك: (ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ)([118])، فصرح بأنه لا يضلهم بفعل أمر إلا بعد بيان اتقائه))([119]).
وقال الجصاص في معنى الآية: (ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ)([120]) : ((فالمعنى فيه أن من انزجر بعد النهي فله ما سلف من المقبوض قبل نزول تحريم الربا، ولم يرد به مالم يقبض؛ لأنه قد ذكر في نسق التلاوة حظر ما لم يقبض منه، وإبطاله بقوله تعالى: (ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ)([121])، فأبطل الله من الربا مالم يكن مقبوضًا، وإن كان معقودا قبل نزول التحريم، ولم يتعقب بالفسخ ما كان منه مقبوضا بقوله تعالى: (ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ)([122]). وقد روي ذلك عن السدي وغيره من المفسرين.
وقال تعالى: (ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ)([123])، فأبطل منه ما بقي مما لم يقبض ولم يبطل المقبوض، ثم قال تعالى: (ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ)([124])، وهو تأكيد لإبطال مالم يقبض منه، وأخذ رأس المال الذي لا ربا فيه، ولا زيادة.
وروي عن ابن عمر وجابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في خطبته يوم حجة الوداع بمكة، وقال جابر بعرفات: ((إن كل ربا في الجاهلية، فهو موضوع. وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبدالمطلب)). فكان فعله صلى الله عليه وسلم مواطئًا لمعنى الآية في إبطال الله تعالى الربا، مالم يكن مقبوضًا، وإمضائه ما كان مقبوضًا))([125]).
ومما يندرج في هذه الحال ما اعتقد الكاسب حله بتأويل سائغ من اجتهاد أو تقليد؛ كبعض المعاملات التي يبيحها بعض أهل العلم ويحرمها آخرون؛ أو بيوع الغرر المنهي عنها عند من يجوِّز بعضها. فإن هذه المكاسب إذا قبضت مع اعتقاد الصحة مضت، ولم تنقض بعد ذلك لا بحكم، ولا برجوع عن ذلك الاجتهاد([126]).
الحال الثانية: أن يعتقد فسادها، ويعلمه([127]).
لا خلاف بينهم في أن ما لم يقبضه الكاسب في هذا النوع من المكاسب المحرمة لا يثبت ملكه له كما تقدم تقريره في الحال السابقة.
أما ما قبضه الكاسب من المكاسب المحرمة بعقد فاسد كالربا، والميسر، وثمن الخمر، ونحوها فلأهل العلم في ثبوت ملكه لها ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن قبض الكاسب هذه المكاسب المحرمة يفيد خروجه من ملك باذله، إذا كان بإذن منه. وهذا مذهب الحنفية([128]). وهو رواية في مذهب أحمد([129])، اختارها شيخ الإسلام ابن تيمية([130]).
القول الثاني: أن قبض الكاسب هذه المكاسب المحرمة لا يفيد الملك مطلقًا،  سواء أكان بإذن من المالك  أم لا. وهذا قول عند الحنفية([131])، وهو مذهب المالكية([132])،  
والشافعية([133])، والحنابلة([134])، والظاهرية([135]).
والذي يظهر أن هذه المكاسب المحرمة تخرج عن ملك من بذلها راضيًا إذا كان عالمًا بالتحريم أو الفساد؛ لأنه سلط الكاسب عليه بإذنه ورضاه، فلا يمكن أن يسوى بينه وبين من أخذ ماله من غير رضاه وإذنه.
قال ابن القيم: ((المقبوض بالعقد الفاسد يجب فيه التراد من الجانبين. فيرد كل منهما على الآخر ما قبضه منه كما في عقود الربا. وهذا عند من يقول: المقبوض بالعقد الفاسد لا يملك.فأما إذا تلف المعوض عند القابض، وتعذر رده فلا يقضى له بالعوض الذي بذله، ويجمع له بين العوض والمعوض.
فإن الزاني واللائط ومستمع الغناء والنوح قد بذلوا هذا المال عن طيب نفوسهم، واستوفوا عوضه المحرم، وليس التحريم الذي فيه لحقهم، وإنما هو لحق الله، وقد فاتت هذه المنفعة بالقبض. والأصول تقتضي أنه إذا رد أحد العوضين يرد الآخر، فإذا تعذر على المستأجر رد المنفعة لم يرد عليه المال الذي بذله في استيفائها.
وأيضا فإن هذا الذي استوفيت منفعته عليه ضرر في أخذ منفعته وعوضها جميعًا بخلاف ما لو كان العوض خنزيرا أو ميتة، فإن ذلك لا ضرر عليه في فواته، فإنه لو كان باقيًا أتلفناه عليه. ومنفعة الغناء والنوح لو لم تفت لتوفرت عليه بحيث يتمكن من صرفها في أمر آخر: أعني القوة التي عمل بها))([136]).
لكن ينبغي أن يقال: إنه لما كان الرضا والإذن لا يكفيان في نقل الملك في كل الأحوال([137])، فإن الكاسب في هذه الحال لا يستفيد الملك من كل وجه ككاسب الحلال، إذ لا يمكن أن يستوي الخبيث والطيب. لذلك كان لزامًا على كاسب المحرم في هذا النوع من المكاسب أن يتصرف بالتخلص منه بالتصدق، فهو نوع من الملك الخاص لا المطلق، فإن التخلص نوع تصرف لا يثبت إلا لمن كان له نوع ملك، إذ حقيقة الملك هي التصرف([138]).
ومما يستدل به على ذلك ما رواه الشيخان([139]) من حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا من الأزد. يقال له: ابن الأتبية على الصدقة. فلما قدم قال: هذا لكم، وهذا أهدي لي. قال: فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر يهدى له أم لا! فالنبي r لم يردها على من أهداها بل جعلها في بيت المال([140]).

المطلب الثالث: التوبة من هذا النوع من المكاسب

اختلف أهل العلم في طريق التوبة من المكاسب المحرمة الحاصلة بعقود فاسدة لأجل حرمة في العين أو المنفعة التي عقد عليها، وقد استوفى الطرفان العوض والمعوض, على قولين:
القول الأول: يجب أن يرد الكاسب الكسب المحرم إلى مالكه، إذ هو عين ماله، ولم يقبضه قبضًا شرعيًا، ولا حصل لربه في مقابلته نفع مباح([141]).
القول الثاني: لا يجب على الكاسب أن يرد الكسب المحرم إلى مالكه، بل يجب عليه أن يتصدق به، ولا يرده إلى من استوفى عوضه.
وذلك لما تقدم من أنه لا يجمع لمن استوفى المنفعة المحرمة بين العوض والمعوض، فإن في ذلك من المعونة والتقوية للفجار والمعتدين مالا يتناسب مع شرع رب العالمين.
وقد نوقش هذا بأنه لا تزال هذه المكاسب المحرمة على ملك أصاحبها؛ لأنه قد انتقلت بعقد فاسد.
وأجيب عن هذه المناقشة بما ذكره ابن القيم رحمه الله: ((وهب أن هذا المال لم يملكه الآخذ، فملك صاحبه قد زال عنه بإعطائه لمن أخذه، وقد سلّم له ما في قبالته من النفع. فكيف يقال: ملكه باق عليه، و يجب رده إليه؟!
وهذا بخلاف أمره بالصدقة به؛ فإنه قد أخذه من وجه خبيث برضا صاحبه، وبذله له بذلك وصاحبه قد رضي بإخراجه عن ملكه بذلك،  وألا يعود إليه، فكان أحق الوجوه: صرفه في المصلحة التي ينتفع بها من قبضه، و يخفف عنه الإثم))([142]).
وقال أيضًا: ((ولا يلزم من الحكم بخبثه وجوب رده على الدافع فإن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بخبث كسب الحجام([143])، ولا يجب رده على دافعه))([144]).
وقد رجح هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقال: ((فهو كما لو تراضيا بمهر البغي، وهناك يتصدق به على أصح القولين لا يعطى للزاني. وكذلك في الخمر ونحو ذلك مما أخذ صاحبه منفعة محرمة فلا يجمع له العوض والمعوض))([145]).
وقال في موضع آخر: ((فهنا- أي مهر البغي وثمن الخمر – لا يقضى له به قبل القبض ولو أعطاه إياه لم يحكم برده فإن هذا معونة لهم على المعاصي إذا جمع لهم بين العوض والمعوض ولا يحل هذا المال للبغي والخمار ونحوهما لكن يصرف في مصالح المسلمين))([146]).
فإن كان كاسب هذه المكاسب المحرمة فقيرًا ذا حاجة فإنه يجوز له من هذا المال بقدر حاجته.
قال النووي رحمه الله فيما نقله عن كلام الغزالي في التصرف في الكسب الحرام: ((وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيرًا؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء، فالوصف موجود فيهم, بل هم أولى من يتصدق عليه, وله هو أن يأخذ منه قدر حاجته لأنه أيضا فقير.
وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب, وهو كما قالوه))([147]).
قال ابن القيم رحمه الله: ((وتمام التوبة بالصدقة به. فإن كان محتاجًا إليه فله أن يأخذ قدر حاجته، ويتصدق بالباقي. فهذا حكم كل كسب خبيث لخبث عوضه عينًا كان أو منفعة))([148]).
ولشيخ الإسلام رحمه الله كلامٌ جيد قرر فيه معنى الكلام المتقدم، قال رحمه الله: ((فإن تابت هذه البغي، وهذا الخمار، وكانوا فقراء جاز أن يصرف إليهم من هذا المال مقدار حاجتهم.
فإن كان يقدر  أن يتجر أو يعمل صنعة كالنسيج والغزل أعطي ما يكون له رأس مال. وإن اقترضوا منه شيئًا؛ ليكتسبوا به، ولم يردوا عوض القرض كان أحسن([149]).
وأما إذا تصدق به لاعتقاده أنه يحل له أن يتصدق به فهذا يثاب على ذلك.
وأما إن تصدق به كما يتصدق المالك بملكه فهذا لا يقبله الله؛ إن الله لا يقبل إلا الطيب، فهذا خبيث كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مهر البغي خبيث)) ([150]







الخاتمة

وفي خاتمة هذا البحث أقيد أبرز النتائج التي توصلت إليها من  خلال البحث في النقاط التالية:
الأولى: المكاسب المحرمة: هي الأموال التي تحصلت أو اجتمعت من طريق ممنوع شرعًا.
الثانية: لحصول المكاسب المحرمة طرق عديدة متنوعة يمكن إجمالها في طريقين رئيسين: أن تكون حاصلة من غير تراضٍ من مالكها؛ أن تكون حاصلة بتراضٍ من المالك والكاسب.
الثالثة: الأصل أن ملك هذه المكاسب المحرمة حاصلة من غير تراضٍ باقٍ لأصحابها. لا خلاف في ذلك بين أهل العلم حال كونها باقية. أما إن استهلكت كليًا، أو تعذر ردها، فالواجب رد مثلها أو قيمتها حسب الحال. أما إن تغيرت فالملك يتأثر حسب نوع التغيرات الطارئة على هذه المكاسب المحرمة.
الرابعة: أن الأرباح والعوائد الناتجة من المكاسب المحرمة الحاصلة من غير تراضٍ بعمل من الكاسب، يكون الكاسب فيها شريكًا للمالك.
الخامسة: موجب الضمان في هذا النوع من المكاسب المحرمة الحاصلة من غير تراضٍ وجوب رد المثل في جميعها بحسب الإمكان.
السادسة: إذا أمكن رد المكاسب المحرمة الحاصلة من غير تراض إلى أصحابها فلا خلاف أنه لا تحصل التوبة، ولا الخروج من الذنب إلا بردها إليهم.
السابعة: إذا لم يمكن رد هذه المكاسب المحرمة الحاصلة من غير تراض إلى أصحابها فإن للكاسب توبة. ومن توبته عند جمهور العلماء أن يتصدق بها في مصالح المسلمين العامة، وعليه أن يجتهد في طلب أطيب المصارف وأنفعها.
الثامنة: فيما يتعلق ببراءة ذمة الكاسب إذا رد المكاسب المحرمة إلى الورثة فإنه إذا تمكن الموروث من أخذ ماله، والمطالبة به فلم يأخذه حتى مات صارت المطالبة به للوارث في الآخرة كما هي كذلك في الدنيا.
التاسعة: المكاسب المحرمة الحاصلة بتراض يمكن تصنيفها في قسمين: الأول: ما كان عينًا أو منفعة مباحة في نفسها، وإنما حرمت بالقصد، فهذا الأصل فيه الحل، وإنما دخله التحريم من جهة القصد. والثاني: ما كان عينًا أو منفعة محرمة فهذا محرم، لا يقضى به للكاسب قبل القبض، لكن لو قبضه لم يحكم برده له؛ لئلا يجمع له بين العوض والمعوض.
العاشرة: الكاسب في هذا النوع من المكاسب المحرمة لا يخلو من حالين: الأولى: ألا يعتقد الكاسب تحريم هذه المكاسب أو لا يعلمه، فيثبت ملكها لها. الثانية: أن يعتقد فسادها، ويعلمه فما قبضه الكاسب منها كالربا، والميسر، وثمن الخمر، ونحوها فإنه يخرج عن ملك من بذلها راضيًا.
الحادية عشرة: ليس من لوازم التوبة من المكاسب المحرمة الحاصلة بتراض أن يرد الكسب المحرم إلى مالكه، بل الواجب عليه أن يتصدق به، ولا يرده إلى من استوفى عوضه. ويجوز له من هذا المال بقدر حاجته إذا كان فقيرًا ذا حاجة.


([1])  المؤمنون:51.
([2])  البقرة:172.
([3])  كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من كسب طيب، رقم (1686). من حديث أبي حازم عن أبي هريرة t.
([4])  كتاب البيوع، باب قول الله تعالى: ولا تأكلو أموالكم بينكم، رقم (1941).
([5])  العين، مادة (كسب)،1/717، لسان العرب، مادة (كسب)، 5/315، القاموس المحيط، مادة (كسب)، ص 167.
([6])  مفردات القرآن للراغب، مادة (كسب).
([7])  الاكتساب في الرزق المستطاب ص 21.
([8])  تهذيب اللغة، مادة (حرم)، 5/44، مختار الصحاح، مادة (حرم)، ص 56.
([9])  أحكام القرآن للجصاص 1/344، منح الجليل 2/416، الفتاوى الكبرى لابن تيمية 5/421، الإنصاف 6/214.
([10])  بداية المجتهد 2/317، مراتب الإجماع لابن حزم ص 59، اختلاف الأئمة العلماء لابن هبيرة 2/12، المغني 5/139.
([11])  اختلاف الأئمة العلماء لابن هبيرة 2/12.
([12])  الدراري المضيئة ص335. وينظر : بدائع الصنائع 7/148، نهاية المحتاج 5/150، السيل الجرار 3/349.
([13])  فائدة: ضابط المثلي مختلف فيه بين العلماء رحمهم الله على أقوال:
       أولاً: المثلي عند الحنفية هو المكيل أو الموزون غير المصنوع. ثانياً: المثلي عند المالكية هو المكيل أو الموزون أو المعدود الذي لا تختلف أفراده.ثالثاً: المثلي عند الشافعية هو المكيل أو الموزون مما يجوز السلم فيه. رابعاً: المثلي عند الحنابلة كل مكيل أو موزون لا صناعة فيه مباحة يصح السلم فيه. خامساً: أن كل ما له مثل؛ يجب فيه مثله سواء كان مكيلاً؛ أو موزوناً أو معدوداً أو حيواناً أو غير ذلك. وهذا هو اختيار شيخ الإسلام وابن القيم ورجحه ابن حزم واختيار شيخنا حفظه الله، وهو ظاهر القوة.      
([14])  بداية المجتهد 2/317. وينظر: البناية شرح الهداية 9/318، 321، الخرشي على مختصر خليل 6/ 133، نهاية المحتاج 5/162، الروض المربع ص303.
([15])  البناية شرح الهداية 9/319، جواهر الإكليل 2/149، فتح الجواد 2/552، الروض المربع ص 304.
([16])  البناية شرح الهداية 10/214.
([17])  جواهر الإكليل 2/149.
([18])  الاختيارات الفقهية ص 165. وقال شيخنا ابن عثيمين: ليس لهذا وجه إلا إن كان قد أخذها على سبيل التملك، وإلا فإنها على ملك صاحبها ونماؤها له.
([19])  الروض المربع ص 430، المبدع 5/182.
([20])  فتح الجواد 2/552، روضة الطالبين وعمدة المفتين 5/25.
([21])  وقد يقال بالقول الثالث إذا رأى ذلك الحاكم.
([22])  نهاية المحتاج 5/180-181.
([23])  الإنصاف 6/200. لكن إن انقلب العصير خمراً ففي وجه أن على الغاصب القيمة. والمذهب يلزمه مثله.
([24])  مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 29/562.
([25])  الفواكه الدواني 2/ 244.
([26])  البناية شرح الهداية 9/332.
([27])  الإنصاف 6/201.
([28])  أخرجه مالك (1456)، من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله قال: ... فذكره، وهو مرسل؛ وأحمد (22272) من طريق موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحي بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن عبادة. وأبو داود (3073)؛ والترمذي (1378) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن سعيد بن زيد.         
([29])  البناية شرح الهداية10/229,226.
([30])  بداية المجتهد 2/318.
([31])  نهاية المحتاج 5/171.
([32])  الروض المربع ص 302.
([33])  البناية شرح الهداية 10/ 231.
([34])  بداية المجتهد 2/317-318. وقد أشار ابن رشد رحمه الله إلى سبب الخلاف في هذه المسألة.
([35])  نهاية المحتاج5/184ـ185، روضة الطالبين وعمدة المفتين ه/ 27.
([36])  المبدع5/ 161. تنبه: وقد فصل ابن رشد في زيادة هذا نوع من هذه المكاسب بداية المجتهد(2/320-321).
([37])  المبسوط 13/163، البناية شرح الهداية 10/232-233، شرح فتح القدير 9/328-329. تنبيه: ذهب الحنفية إلى أن لكاسب هذا النوع من المكاسب المحرمة أن يستعين بالربح في أداء الضمان إن وجب عليه ضمان شيء، وعلة هذا أن الخبث كان حق المالك، فيزول بالصرف إليه إذا كان فيا إذا كان الكاسب فقيراً. أما إن كان غنياً فعندهم فيه روايتان.
([38])  القواعد لابن رجب ص 192، الإنصاف 6/ 208.
([39])  المنتقى للباجي 4/22، الاستذكار 7/ 149، الفواكه الدواني 2/245-246، حاشية العدوي 2/372.
([40])  المرجع السابق. وذهب طائفة إلى أن الأفضل أن يتصدق الكاسب بالربح.
([41])  المهذب 1/486، الحاوي الكبير 7/336-338.
([42])  تصحيح الفروع للمرداوي 4/493-494، الإنصاف 6/208، مطالب أولي النهى 4/20.
([43])  المحلى 8/135.
([44])  الإنصاف 6/208.
([45])  مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 30/323، الاختيارات الفقهية ص147.           
([46])  مدارج السالكين 1/423.   
([47])  قال البعلي في الاختيارات الفقهية ص147: وكذلك المتوجه فيما إذا غصب شيئاً كفرس وكسب به مالاً كالصيد أن يجعل الكسوب بين الغاصب ومالك الدابة على قدر نفعهما بأن تقّوَم منفعة الراكب ومنفعة الفرس ثم يقسم الصيد بينهما.
([48])  الاستذكار 7/150.           
([49])  مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية30/323.
([50])  بداية المجتهد 2/321.
([51])  قال في بداية المجتهد 2/321:((وتحصيل مذهب هؤلاء في حكم الغلة هو أن الغلال تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
       أحدها: غلة متولدة عن الشيء المغصوب على نوعه؛ وخلقته وهو الولد. وغلة متولدة عن الشيء لا على صورته وهو مثل الثمر؛ ولبن الماشية؛ وجبنها؛ وصوفها . وغلال غير متولدة، بل هي منافع، وهي الأكرية والخراجات وما أشبه ذلك. فأما ما كان على خلقته وصورته فلا خلاف أعلمه أن الغاصب يرده كالولد مع الأم المغصوبة، وإن كان ولد الغاصب)). ثم قال:(( وأما إن كان متولداً على غير خلقة الأصل، وصورته ففيه قولان:أحدهما: أن للغاصب ذلك المتولد. والثاني: أنه يلزمه رده مع الشيء المغصوب إن كان قائماً أو قيمتها إن ادعى تلفها ولم يعرف ذلك إلا من قوله؛ فإن تلف الشيء المغصوب كان مخيراً بين أن يضمنه بقيمته، ولا شيء له في الغلة وبين أن يأخذه بالغلة ولا شيء له من القيمة. وأما ما كان غير متولد فاختلفوا فيه على خمسة أقوال: أحدها: أنه لا يلزمه رده جملة من غير تفصيل. والثاني: أنه يلزمه رده من غير تفصيل أيضاً. والثالث: أنه يلزمه الرد إن أكرى ولا يلزمه الرد إن انتفع أو عطل. والرابع: يلزمه إن أكرى أو انتفع ولا يلزمه إن عطل. والخامس: الفرق بين الحيوان والأصول. أعني أنه يرد قيمة منافع الأصول ولا يرد قيمة منافع الحيوان وهذا كله فيما اغتل من العين المغصوبة مع عينها وقيامها. وأما ما اغتل منها بتصريفها وتحويل عينها كالدنانير فيغتصبها فيتجر بها فيربح فالغلة له، قولاً واحداً في المذهب)). وقال قوم: ((الربح للمغصوب، وهذا أيضاً إذا قصد غصب الأصل. وأما إذا قصد غصب الغلة دون الأصل فهو ضامن للغلة بإطلاق، ولا خلاف في ذلك سواء عطل أو انتفع أو أكرى كان مما يزال به أو بما لا يزال به)).
([52])  المبسوط11/50.
([53])  المنتقى للباجي 4/293، الفروق للقرافي 2/81.
([54])  المجموع شرح المهذب 11/15.
([55])  المغني 5/139.
([56])  الإنصاف 6/193.
([57])  تحفة المحتاج 5/217، أسنى المطالب 2/225، المنثور في القواعد الفقهية 2/335.     
([58])  المجموع شرح المهذب 11/15.
([59])  الإنصاف 6/193.
([60])  تهذيب السنن 6/339.      
([61])  المحلى 8/140.   
([62])  الاختيارات الفقهية ص 165.
([63])  إعلام الموقعين 1/324. وقال شيخنا: ثم المثلية هنا متعذرة كيف يضمن له نصف عبد.     
([64])  أخرجه البخاري (5225)، وأحمد (11616،13361)، والنسائي (3955)، وأبو داود (3567)، وابن ماجه (2334)، والدارمي (2598). من طريق حميد الطويل عن أنس بن مالك.    
([65])  الترمذي (1359). من طريق حميد الطويل عن أنس بن مالك.  
([66])  إعلام الموقعين 1/324. وقال شيخنا: ثم المثلية هنا متعذرة كيف يضمن له نصف عبد.
([67])  بداية المجتهد 2/317، مراتب الإجماع ص 59، التمهيد 2/23-24. وينظر: البحر الرائق 2/332، شرح الخرشي على مختصر خليل 2/112، تبصرة الحكام 2/289، نهاية المحتاج 2/434، غذاء الألباب 2/583.
([68])  (19228).
([69])  رواه أبوداود، كتاب البيوع، باب تضمين العواري، رقم (3091)، والترمذي، كتاب البيوع، باب ما جاء في العارية المؤداة، رقم (1187)، وابن ماجه، كتاب الأحكام، باب العارية، رقم (2391). وقال عنه الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال الحاكم 2/55: صحيح على شرط البخاري، وأعله ابن حزم في المحلى بأن قال9/172: الحسن لم يسمع من سمرة.
([70])  (17262).
([71])  رواه أبوداود، كتاب الأدب، باب من يأخذ الشيء على المزح، رقم (4350)، والترمذي، كتاب الفتن، باب لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً، رقم (2086).
([72])  (224).
([73])  مرعاة المفاتيح 2/ 20- 21.
([74])  قال شيخنا ابن باز تعليقه على فتح الباري 3/279:" كذا في الأصل الذي بين أيدينا (أي بدون لا). ولعله لا بأن يتصدق به، فتأمل، والله أعلم". قال شيخنا ابن عثيمين: وهو الظاهر.
([75])  فتح الباري 3/278-279.
([76])  مرعاة المفاتيح 2/ 21.     
([77])  مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 29/263.
([78])  مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 29/263. وقال شيخنا: هذا صحيح لأن قوله: ولا صدقة من غلول يعني تصدق به لنفسه بخلاف التصدق تخلصاً. ففرق بين من يتصدق تقرباً إلى الله بالصدقة كأنما تصدق من ماله وبين الذي تصدق تخلصاً منها، والثواب لصاحبها لكن الثاني يؤجر؛ لأنه تاب فيؤجر أجر التائب.
([79])  إحياء علوم الدين 2/131.
([80])  مدارج السالكين 1/419-421.      
([81])  أسنى المطالب 4/98، حاشية قليوبي وعميرة 2/34، 3/41، تحفة المحتاج 5/360.
([82])  مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 28/592، جامع العلوم الحكم 1/268 .
([83])  كتاب الورع ص 147، جامع العلوم الحكم 1/268، مدارج السالكين 1/418.
([84])  مدارج السالكين 1/419. وينظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 28/596.
([85])  رواه البخاري، كتابالأدب، باب عقوق الوالين من الكبائر، رقم (5518)، ومسلم، كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل، رقم (3238). من حديث المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ومنعا وهات، ووأد البنات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال)).
([86])  حاشية ابن عابدين 4/283.
([87])  الذخيرة 6/28، الخرشي على مختصر خليل 2/211.
([88])  الفروع 2/666، الإنصاف 5/188، 6/212-213، مطالب أولي النهى 4/67.
([89])  مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 29/245، إعلام الموقعين 2/35، القواعد لابن رجب ص 226، فتاوى ابن الصلاح 1/401، المحلى 1/69.
([90])  التغابن:16.
([91])  مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 29/ 262- 263. قال شيخنا: يسقط للعجز.       
([92])  مدارج السالكين 1/419-421.      
([93])  مدارج السالكين 1/419-421.      
([94])  المجموع شرح المهذب 9/428-429، حاشية قليوبي وعميرة 3/41، تحفة المحتاج 5/360.     
([95])  الذخيرة 6/28، المجموع شرح المهذب 9/322.
([96])  المجموع شرح المهذب 9/426، مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 29/ 241، الآداب الشرعية 1/78-80.
([97])  المبسوط 2/495، درر الحكام في مجلة الأحكام 6/327.
([98])  الإنصاف 12/58، كشاف القناع 6/425.
([99])  تحفة المحتاج 10/244، مغني المحتاج 4/440، أسنى المطالب 4/357.
([100])  مطالب أولي النهى 4/69.
([101])  الآداب الشرعية1/78-80، الداء والدواء ص 258.           
([102])  الداء والدواء ص 258.
([103])  الاختيارات الفقهية ص 166.      
([104])  رواه البخاري، كتاب الرقاق، باب القصاص يوم القيامة، رقم (6053).
([105])  حاشية ابن عابدين 4/283.
([106])  مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 30/377.
([107])  مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 29/ 308.
([108])  زاد المعاد 5/779. وينظر: مدارج السالكين 1/422.          
([109])  انظر تفصيل هذا وأمثلته في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 29/411-412. وقد استدل شيخنا لهذا القسم بقوله تعالى:﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ ﴾.البقرة: من الآية (75).
([110])  البقرة:275.
([111])  الفتاوى السعدية ص 303.
([112])  المائدة: 93.
([113])  النساء:22.
([114])  النساء:.23.
([115])  المائدة:95.
([116])  البقرة:143.
([117])  التوبة:113.
([118])  التوبة:115.
([119])  أضواء البيان 1/188.
([120])  البقرة:275.
([121])  البقرة:278.
([122])  البقرة:275.
([123])  البقرة:278,
([124])  البقرة:279.
([125])  أحكام القرآن للجصاص 2/190.
([126])  مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 29/412-413، الاختيارات الفقهية ص 167. قال شيخنا: وهذا هو الصحيح لأنه يعتقد الصحة، وقد تم العقد، والاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد، وحتى لو بان له فيما بعد فساد العقد فهو معذور، ولو كان ذلك بتقليد لمن لا يستطيع إلا التقليد فإنه معذور؛ لأن هذا فرضه.
([127])  مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 29/411.
([128])  بدائع الصنائع 5/299، شرح فتح القدير 6/459، كشف الأسرار 1/267. ولهم في ذلك تفصيل تميزوا به وهو التفريق بين الباطل والفاسد من العقود فجعلوا الباطل لا يثبت به الملك بخلاف الفاسد فإنه يثبت به الملك.
([129])  أحكام أهل الذمة لابن القيم 1/575، الإنصاف 4/362.         قال شيخنا: الظاهر أنه متى أمكن رده وجب عليه رده، وإذا لم يمكن بأن انتقل ملكه وباعه، فهو يفيد الملك يعني العبرة بالمشقة.
([130])  الفروع 6/449، الإنصاف 11/213-214، كشاف القناع 3/134. وقال في الإنصاف 4/473:" قال في الفائق: قال شيخنا: يترجح أنه يملكه بعقد فاسد". انظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 29/292،327.
([131])  أحكام القرآن للجصاص2/245، بدائع الصنائع 5/299.
([132])  الفروق 2/83، 3/208، الفواكه الدواني 2/130. وقد ذكر بعضهم تفصيلاً فقالوا: إن قبض الكاسب هذه المكاسب المحرمة يفيد الملك إن فاتت أو تغير سوقها، وإلا فإنه لا يفيد الملك، بل هي باقية على ملك أصحابها.
([133])  روضة الطالبين وعمدة المفتين 3/408.
([134])  المغني مع الشرح 4/287، الإنصاف 4/362. قال شيخنا: الظاهر أنه متى أمكن رده وجب عليه رده وإذا لم يمكن بأن انتقل ملكه وباعه، فهو يفيد الملك يعني العبرة بالمشقة.
([135])  المحلى 8/421.
([136])  أحكام أهل الذمة 1/575.
([137])  الفروق للقرافي 2/86، 3/208.
([138])  أحكام القرآن للجصاص 2/190، الفروع 3/408.
([139])  رواه البخاري، كتاب الهبة وفضلها والحث عليها، باب من لم يقبل الهدية لعلة، رقم(2407)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب تحريم هدايا العمال، رقم (3414).
([140])  فتح الباري 13/167.
([141])  مدارج السالكين 1/422.
       وفي بعض كلام شيخ الإسلام ما قد يفهم منه هذا ففي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 29/307 أنه سئل:" عن رجل مراب خلف مالاً وولداً، وهو يعلم بحاله، فهـل يكون المال حلالاً للولد بالميراث أم لا؟  فأجاب: أما القدر الذي يعلم الولد أنه ربا فيخرجه، إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن وإلا تصدق به، والباقي لا يحرم عليه...". وفي هذا الكلام إشكال فإن رد الربا إلى أصحابه مع كونها معاوَضة فهي مال بمال زائد لأجل الأجل أو للتفاضل يتضمن الجمع لهم بين العِوض والمعوض. وقد قرأت هذا الكلام على شيخنا ابن عثيمين يوم الاثنين30/11/1412هـ (فقال: هذا ليس من كلام شيخ الإسلام؛ لأنه يرى عدم إرجاع المال إلى المرابي. والقول بعدم الإرجاع هو الجاري على سنن القياس، والله أعلم). وقال عند قراءة هذا البحث عليه في حل هذا الإشكال: كان الشيخ رحمه الله يرى أنه لم يدخل ملكه أصلاً لقوله تعالى: (فإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم).
([142])  المرجع السابق.
([143])  وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: ((شر الكسب مهر البغي، وثمن الكلب، وكسب الحجام))، وهو عند مسلم (1568) وغيره من طريق السائب بن يزيد عن رافع بن خديج.         
([144])  زاد المعاد 5/779. ذكر كلاماً طويلاً و نقاشاً في تقرير المسألة بعضه عن شيخ الإسلام.  
([145])  مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 29/ 291- 292.  
([146])  مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 29/ 309.
([147])  المجموع شرح المهذب 9/428-429، 430.
([148])  زاد المعاد 5/779.        
([149])  مراده أحسن من كونهم يأخذونه على سبيل التملك لأن لهم طريقين أن يأخذوه على سبيل التملك، وهذا جائز أو يأخذوه على سبيل الاقتراض، وهذا أحسن كما يقول الشيخ وصواب العبارة أن يقال: "وإن اقترضوا منه شيئاً؛ ليكتسبوا به، ويردوا عوض القرض كان أحسن".     
([150])  مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية 29/ 309. والحديث سبق تخريجه قريباً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق