الاثنين، 11 يوليو 2011

همسات الى الدعاة


همسات الى الدعاة

الدعوة الى الله شرف لايناله الا من يحبه الله .. فما هى الا استعمال من الله أراده لعبده لينال بذلك شرف التأسى بالانبياء والسير على نهج الصالحين والتمتع بحلاوة القرب منه سبحانه وتعالى .. فاذا أردت أن يحبك الله فاسأله دائما أن يستعملك لا أن يستبدلك . ( قل هذه سبيلى أدعوا الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى وسبحان الله وما أنا من المشركين ) يوسف 108
بداية :
إعلم أخى الداعية أن العبادة لله تعالى هى المهمة العظمى التى خلقنا الله من أجلها ( وماخلقت الجن والانس إلا ليعبدون ) الذاريات 56
وهى الناموس الذى يسير الكون على نسقه ومقتضاه ليكون العبد قانتا خاشعا لله مسلما ساجدا مسبحا ...
وعبادة الله هى الطريق السوى الذى يصل بنا إلى الجنة وماعداه فهو الشذوذ والانحراف .
ثانيا :
إحرص على توظيف المهام العظيمة للعبادة .. فالعبادة حياة الروح .. وإنما تتربى الروح بحسن عبادتها وتعبدها لله بتحقيق الايمان والتوحيد والخوف والرجاء .. فالعبادة تربى الروح فتصفو النفوس وترق القلوب ويتربى فى الانسان الضمير الحى الذى يكون له دور كبير فى توجيه حياة صاحبه .
ثالثا :
إعلم ان العبادة الصحيحة لله تعالى بشتى صورها من صلاة وزكاة وحج وصيام وجهاد وغيرها لابد وأن تكون ذات أثر .. وان تؤتى ثمارها فى شتى المناحى والأمور :
** فهى تزيد الايمان ( إنما المؤمنون الذين اذا ذُكر الله وجلت قلوبهم واذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيمانا ..
واذا زاد الايمان ظهرت آثاره الواضحة على النفس فى معتقدات صحيحة وأفهام سليمة وأخلاق سامية ومواقف متزنة ربانية معتدلة ونشاط نافع وعلم صالح وصلاح عام ... فالاسلام أيها الداعية دين عظيم يتمتع بالشمول والجمال فى كل شيء .
** تجعل الانسان يسعى دائما للبلوغ بنفسه إلى الكمال الانسانى فى العقول والقدرات والطاقات الجسمية والعلمية وغيره مما يجعله قادرا على الارتفاع بنفسه والسمو ّ والرقى بها .
** حصول الأمن النفسى ... فمن نتاج العبادة شعور المسلم بسعادة وامن وإطمئنان نفس ولذة وجدانية عالية فيظهر ذلك على نفسه وروحه وقسمات وجهه وجوارحه وأعضائه ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الآمن وهم مهتدون ) الانعام 82
رابعا :
إعلم أخى الداعية أن ذكر الله حياة القلوب وراحة للنفوس وصفاء للذهن ..وقد جاء عنه الحدبث فى القرآن مرتبطا دائما وأبدا بمن آمن بالله ثم استقام على منهجه .. وجاء الحديث عن نسيان ذكر الله ملازما لمن لم يستقيم فى حياته وعمله وسلوكه بشكل عام ...
والذكر له فوائد ونتائج وثمار باهرة :
فهو يطرد الشيطان
ويرضى الملائكة والرسول والرب الرحمن
ويزيل الهم والغم عن القلوب ويقوى القلوب والابدان
وينير الوجه ويجعله كالقمران
ويجلب الفرح والسرور ويأتى بالبيان
وتشهد الارض بشواهدها لذاكرا لله كثيرا لاتراه من كثرة الذكر ظمآن
فالذى يذكر ربه فى قمة الجبل أو قائما ؟او قاعدا او على الشٌطآن
كل ذلك يشهد له بالحب عند رب رحمن

وإعلم اخى الداعية أن ذكر الله ليس مجرد أقوال تقال فقط وباللسان
بل هو حس وروح وإيقاظ للغفلان
لتتحرك النفس بصاحبها إلى برّ من الأمن والأمان
روحانية وشفافية وربانية وإيمان
ويتجلى الرب بجميل من كرامات ورضا وغفران
فتصبح النفس ريحانة كأنها قُطفت من البستان
فالله الله فى ذكر كثير تنل به رحمة وجنان
خامسا :
احرص دائما على أن تحجز بيتا بالجنة ... وكن دائم الحذر من الآعداء الألداء الهوى المتبع والاعجاب بالنفس والشح المطاع فهن المهلكات المضيّعات حسبنا الله اللطيف منها الرحمن
سادسا :
إعلم أن تفقدك للمريض من العباد وعودتك له ومساعدتك له وتطييب خاطره والوقوف بجانبه وحمله على أكتافك والمسح على رأسه وجلب الطبيب والدواء له والتسلية عنه وإدخال السرور إلى قلبه وجعل خدك مخدة له , إعلم انها عبادة عظيمة وإثبات لحسن صلتك بربك وتجسيد لمعانى الحب والرحمة فالاسلام ماهو إلا حب
ودعوة الله ماهى إلا حب
ومااحلى الحب والرحمة ... وتذكر قول الله تعالى فى الحديث القدسى : يابن آدم مرضت فلم تعدنى ... مرض عبدى فلان فلم تعده ألم تعلم أنك اذا عُدته لوجدتنى عنده "..
سابعا :
لو سافرت سفرا ولم ترجع منه بربح لبكيت فوات أرباحك وضياع أوقاتك ...
ورحلتك فى أيام الدنيا كذهابك للحج , ان لم ترجع منها أيضا بربح وفير وذنب مغفور وجيد فى جديد , فلا يكون لك إلا أن تبكى على نفسك إبكى على ضياع أوقاتك وتعبك ومالك , إبكى على جنة أوشكت أن تضيع تفلت من بين يديك بعدما كانت فى قبضتك ..

ثامنا :
لو قلنا أن إنسانا يشتاق للجنة ويتمناها ويرجوها سكنا له ومقرا فإن ذلك أمر مألوف طبيعى فطرى لاشيء فيه , كذلك فإن الجنة أيها الداعية تشتاق إليك بل إلى كل مؤمن صالح عابد عاملا لدينه ناصرا لرسوله محبا للصالحين ... إن الجنة تشتاق ؟؟؟ نعم تشتاق ..
تشتاق للأناس العابدين ....
الذين سمت أرواحهم وصفت نفوسهم
الذاكرين الله كثيرا والذاكرات
الذين عملوا لرفعة دينهم والانتصار لرسولهم
الذين اذا ذٌكر الله وجلت قلوبهم
الصابرين فى البأساء والضراء
الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس
المحسنين الطاهرين المحمديين الربانيين
الذين كانوا أولياءا لله
الذين كانوا جنودا لله
الذين عملوا بمراتب التقوى التى قال عنها على رضى الله عنه وكرّم الله وجهه :
الخوف من الجليل ... فخافوا ربهم
العمل بالتنزيل .... فعملوا بالقرآن
القناعة بالقليل .... فقنعوا ورضوا بعطية الله
الاستعداد ليوم الرحيل ... فسهروا لله وقاموا لله وأتعبوا الوقوف بين يدى الله
هؤلاء الذين حملوا للدنيا مشاعل الخير واخذوا بأيدى الناس بُغية إنقاذهم من النار ليلحقوا
بالنبى الحبيب المختار .
تاسعا :
أخى الداعية ارجع الى الله دائما وأدخل فى سباق التائبين والمستغفرين والمشمرين ( وسابقوا الى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) الحديد 21
وصلى اللهم على نبينا محمد معلم الناس الخير
منقول من موقع الشرقية أون لاين

تمهل قبل أن ترحل ..!


تمهل قبل أن ترحل ..!

العاقل هو من يبدأ وعينه على النهاية , لأن من صحت بدايته استقامت نهايته , ومن كانت بدايته محرقة كانت نهايته مشرقة , ومن تذكر الموت ومصيبته هانت عليه جميع المصائب , فالعاقل من يذكر الموت وشدته والقبر ووحشته , قال تعالى : \" قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (8) سورة الجمعة .

وعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ :كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَىُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ قَالَ : أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا قَالَ فَأَىُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ قَالَ : أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا أُولَئِكَ الأَكْيَاسُ. أَخْرَجَهُ ابن ماجة (4259) الألباني :حسن ، الصحيحة ( 1384 ).

قال علي رضي الله عنه : قال: من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الخيرات ومن أشفق من النار انتهى عن الشهوات ومن تيقن بالموت انهدمت عليه اللذات ومن عرف الدنيا هانت عليه المصيبات.

وقال الشاعر :

أَرَى الدُّنْيَا لِمَنْ هِيَ فِي يَدَيْهِ * * * وَبَالا كُلَّمَا كَثُرَتْ عَلَيْهِ

تُهِينُ الْمُكْرَمِينَ لَهَا بِصِغَرِ * * * وَتُكْرِمُ كُلَّ مَنْ هَانَتْ عَلَيْه

إذَا اسْتَغْنَيْت عَنْ شَيْءٍ فَدَعْهُ * * * وَخُذْ مَا أَنْتَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ

فإذا كان ذلك كذلك فإن عليك أيها العاقل أن تتمهل قبل أن ترحل , وأن تسأل نفسك :

هل أنا من الذين أحبهم الله فوفقهم لعمل صالح يختمون به حياتهم ويقابلون به ربهم ؟.

عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيِّ ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا اسْتَعْمَلَهُ ، قِيلَ : وَمَا اسْتَعْمَلُهُ ؟ قَالَ : يُفْتَحُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِهِ ، حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ مَنْ حَوْلَهُ.

- وفي رواية : إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا عَسَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ ، قِيلَ : وَمَا عَسْلُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ ؟ قَالَ : يُفْتَحُ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ بَيْنَ يَدَيْ مَوْتِهِ ، حَتَّى يَرْضَى عَنْهُ. أخرجه أحمد 5/224(22295) الألباني في \" السلسلة الصحيحة \" 3 / 107.

عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ: أَنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يَكُونُ فِي ذَلِكَ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ ، فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ ، وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ : بِكَتْبِ رِزْقِهِ ، وَأَجَلِهِ ، وَعَمَلِهِ ، وَشَقِيٌّ ، أَوْ سَعِيدٌ . فَوَالَّذِي لاَ إِلَهَ غَيْرُهُ ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، حَتَّى مَايَكُونَُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُهَا ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ ، حَتَّى مَايَكُونَُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلاَّ ذِرَاعٌ ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَيَدْخُلُهَا. أخرجه \"البُخَارِي\" 4/135(3208) و\"مسلم\" 8/44(6816).

وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ , أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم الْتَقَى هُوَ وَالْمُشْرِكُونَ فَاقْتَتَلُوا ، فَلَمَّا مَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إِلَى عَسْكَرِهِ ، وَمَالَ الآخَرُونَ إِلَى عَسْكَرِهِمْ ، وَفِى أَصْحَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ لاَ يَدَعُ لَهُمْ شَاذَّةً وَلاَ فَاذَّةً إِلاَّ اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بِسَيْفِهِ. فَقَالَوا : مَا أَجْزَأَ مِنَّا الْيَوْمَ أَحَدٌ كَمَا أَجْزَأَ فُلاَنٌ , فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم : أَمَا إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ, فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : أَنَا صَاحِبُهُ أبدا. قَالَ : فَخَرَجَ مَعَهُ , كُلَّمَا وَقَفَ وَقَفَ مَعَهُ ، وَإِذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ مَعَهُ , قَالَ : فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا ، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالأَرْضِ , وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَى سَيْفِهِ ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الله. قَالَ : وَمَا ذَاكَ ؟ قَالَ : الرَّجُلُ الَّذِى ذَكَرْتَ آنِفًا أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ. فَقُلْتُ : أَنَا لَكُمْ بِه , فَخَرَجْتُ فِى طَلَبِهِ ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا ، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بالأَرْضِ , وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ ، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْهِ ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ , فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم , عِنْدَ ذَلِكَ : إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ , فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ ، وَهْوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ , فِيمَا يَبْدُولِلنَّاسِ ، وَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ. أخرجه اْحمد 5/331(23201) و\"مسلم\" 1/74(221) , وزاد البخاري : وإنما الأعمال بخواتيمها . الألباني حديث رقم : 1624 في صحيح الجامع .

هل سأكون من الذين يكرمهم الله تعالى بحسن الخاتمة أم الذين يسخط الله عليهم فتسوء خاتمتهم ؟ .

أورد ابن خلكان رحمه الله في وفيات الأعيان، في ترجمة يوسف بن أيوب الحمداني، أنه كان عبدًا صالحًا محبوبًا من الناس، فبينما هو ذات يوم في درسه، إذ قام رجل من الصالحين ظاهرًا، يقال له ابن السقاء، وكان يحفظ القرآن وعنده شيء من الفقه، فقام ذلك الرجل يسأله مسائل يريد بها أن يسيء الأمر في حلقته ويشغب عليه وجموع الناس حوله، فلما أكثر عليه قال يوسف بن أيوب لابن السقاء: اجلس فإني والله لأشم من كلامك رائحة الكفر، وأظنك ستموت على غير ملة الإسلام. فمضت أيام قدم فيها وفد من ملك الروم إلى الخليفة، فلما خرج الوفد عائدًا إلى القسطنطينية، تبعه ابن السقاء وذهب معه واستقر به الأمر في تلك المدينة، فما لبث فيها أيامًا حتى تنصر – والعياذ بالله – وأعجبه ما عليه النصارى من دين، وخرج من ملة الإسلام، فبقي فيها وكان يحفظ القرآن، ثم قدر لرجل من أهل بغداد أن يذهب إلى تلك البلدة لتجارة له فوجده مريضًا على دكةٍ وفي يده مروحة يذب بها الذباب عن نفسه، فقال له: يا ابن السقاء إني كنت أعهد أنك تحفظ القرآن فهل بقي من القرآن في صدرك شيء؟ قال: لا، ولا آية، إلا آية واحدة : \" رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ\" . سورة الحجر: 2 . وفيات الأعيان لابن خلكان 7/ 79.

قال الشيخ أبو إسحاق الحويني: جاءني شابين ملتزمين فقالا لي جئنا نحدثك بقصة عجيبة وقعت لنا :بينما كنّا نَمُرُ أمام مستشفى ـ في مصر ـ ، فإذا بسيارة متوقفة أمام المستشفى وفيها امرأة كبيرة السنّ بدأت تحتضر، فسارعنا إليها، وقُمنا بتلقينها الشهادة وقلنا لها : يا أمّاه.. قولي :\" لا إله إلا الّله محمّد رسول اللّه \" ،فإذا بها ترفع السبابة وتقول:\" لا إله إلا الله محمّد رسول الله \"، ثمّ فاضت روحها لبارئها.وما هي إلا لحظات، وإذا بابنها الذي أخرجها منذ زمن يسير من المستشفى وعاد إلى إدارة المستشفى لاستخراج ببعض الوثائق، يجدّ أمهُ قد فارقت الحياة.فجعل الابن المصدوم بموت أمه يبكي لفقدانها،فاقترب منه الشابان وقالا له:أبشر خيراً.فقال لهما متعجباً : كيف ؟ بماذا أبشر؟ فقالا له: لقد مررنا بمحض الصدفة ووجدنا أمّك تحتضر، ولقد قمنا بفضل الله بتلقينها الشهادة والحمد لله لقد نطقت بكلمة التوحيد قبل أن تفيض روحها لخالقها .فإذا بالابن يصيح ويرغي ويزبد مرسلا صيحة مدوية :ويلكم؟؟ ماذا فعلتم؟؟ لقد كَفّرتُم أمي !فصُعق الشابين، ولم يفهما شيئا فقال الابن غاضبا: إنّ أمي \" قبطية \" ـ أي نصرانية ـ وها هي قد ماتت على الإسلام .فسبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر يُقدّر الله تعالى ويسبق الكتاب، فتخرج المرأة من الكفر إلى الإسلام لتنجو من النّار الخالدة في آخر دقيقة من عمرها بإذن الله تعالى. فمن الذي جاء بالشابين في آخر رمق من عمرها ليكونا سببا في أنّ تكون من أهل الجنّة بحول الله وقوته وحده ؟ إنّه الله الرّحمن الرّحيم التوّاب من يدري ؟ فلعلّ من أسباب نجاتها، أنّها فعلت عملاً صالحاً وكانت مخلصة فيه، فكتب الله لها به النّجاة من النّار والموت على الإٍسلام. أو كانت تودّ اعتناق الإسلام، وكان حضور الشابين الدفعة التي كانت تنقصها.

هل أنا من الذين حينما يموتون سيكونون من الذين استراحوا أم من الذين أُستريح منهم ؟.

عَنْ أَبِي قَتَادَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ ، أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ؛أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُرَّ عَلَيْهِ بِجَنَازَةٍ ، فَقَالَ : مُسْتَرِيحٌ وَمُسْتَرَاحٌ مِنْهُ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، مَا الْمُسْتَرِيحُ وَالْمُسْتَرَاحُ مِنْهُ ؟ قَالَ : الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ يَسْتَرِيحُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا وَأَذَاهَا إِلَى رَحْمَةِ اللهِ ، وَالْعَبْدُ الْفَاجِرُ يَسْتَرِيحُ مِنْهُ الْعِبَادُ وَالْبِلاَدُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ. أخرجه مالك \"الموطأ\" 165 و\"أحمد\" 5/296 (22903) و\"البُخاري\" 8/133 (6512)الألباني حديث رقم : 5872 في صحيح الجامع .

هل أنا من الذين سيذكرهم الناس بالخير بعد موتهم أم الذين سيذكرهم الناس بالسوء يعد موتهم ؟.

عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ: مَرُّوا بِجَِنَازَةٍ ، فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : وَجَبَتْ ، وَجَبَتْ ، وَجَبَتْ ، وَمُرَّ بِجَِنَازَةٍ ، فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : وَجَبَتْ ، وَجَبَتْ ، وَجَبَتْ ، فَقَالَ عُمَرُ : فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي ، مُرَّ بِجَِنَازَةٍ ، فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا ، فَقُلْتَ : وَجَبَتْ ، وَجَبَتْ ، وَجَبَتْ ، وَمُرَّ بِجَِنَازَةٍ ، فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا ، فَقُلْتَ : وَجَبَتْ ، وَجَبَتْ ، وَجَبَتْ . فَقَالَ : مَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا ، وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ، وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا ، وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ ، أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ.أخرجه أحمد 3/186(12969) و\"البُخَارِي\" (1367) و\"مسلم\" 3/53(2158).

هل أنا من الذين ستركون رصيداَ من أعمال الخير والبر سيأتيهم أجرها وحسناتها بعد موتهم ؟.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ، صلى الله عليه وسلم ، قال : إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ ، انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ ، إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أوْ وَلَدٍ صَالحٍ يَدْعُو لَهُ. أخرجه أحمد 2/372(8831) و\"البُخاري\" في الأدب المفرد (38) و\"مسلم\" 5/73.

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - : سَبْعٌ يُجْرَى لِلْعَبْدِ أَجْرُهُنَّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهُوَ فِي قَبْرِهِ : مَنْ عَلَّمَ عِلْماً ، أَوْ كَري نَهْراً ، أَوْ حَفَرَ بِئْراً ، أَوْ غَرَسَ نَخْلاً ، أَوْ بَنَى مَسْجِداً ، أَوْ وَرَّثَ مُصْحَفاً ، أَوْ تَرَكَ وَلَداً يَسْتَغْفِرُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ. كشف الاستار عن زوائد البزار ( 149 ) الألباني \"حسن\" ، صحيح الجامع ( 3602 ) .

فتذكر نهايتك واستعد لآخرتك , كان بالبصرة عابد حضرته الوفاة..فجلس أهله يبكون حوله فقال لهم أجلسوني , فأجلسوه فأقبل عليهم وقال لأبيه : يا أبت ما الذي أبكاك؟قال :يا بنى ذكرت فقدك وانفرادي بعدك .فالتفت إلى أمه , وقال :يا أماه ما الذي أبكاك؟ قالت : لتجرعي مرارة ثكلك ,فالتفت إلى الزوجة ,وقال :ما الذي أبكاك ؟ قالت : لفقد برك وحاجتي لغيرك , فالتفت إلى أولاده,وقال :ما الذي أبكاكم ؟قالوا : لذل اليتم والهوان من بعدك ,فعند ذلك نظر إليهم وبكى .فقالوا له : ما يبكيك أنت ؟ قال أبكي لأني رأيت كلا منكم يبكى لنفسه لا لي .أما فيكم من بكى لطول سفري ؟ أما فيكم من بكى لقلة زادي ؟أما فيكم من بكى لمضجعي في التراب؟أما فيكم من بكى لما ألقاه من سوء الحساب ؟ أما فيكم من بكى لموقفي بين يدي رب الأرباب؟ ثم سقط على وجهه فحركوه , فإذا هو ميت .

قال أهل العلم رحمهم الله: من صدق فراره إلى الله، صدق قراره مع الله، فمن صدقت توبته وإنابته إلى ربه، صدق قراره ومسيره وهديه على صراط الله حتى يلقى الله – تبارك وتعالى –
هذا الهم الذي أقض مضاجع المتقين من قبل، وأرق الصالحين من عباد الله.
منقول من موقع الشرقية أون لاين

هل جربتها ؟!


هل جربتها ؟!
من منا لايريد إنشراحاً في صدره ؟ من منا لايريد بركة في رزقه ؟ من منا لايريد طولأ في عمره ؟
من منا لايريد رفعة في درجاته ؟ من منا لايريد الفوز بخيري الدنيا والآخرة ؟
كلنا نريد ذلك وأكثر من ذلك ، وهذا أمر مألوف لمسلم عالي الهمة ، يبحث عن الأفضل دائماً ويبحث عن الرقي الروحي والمعيشي في الدنيا والآخرة .
ليس عيب أن نطمح لرزق حلال بل هو خير من سؤال الناس وطرح حوائجنا ببابهم .
ليس عيب أن نطلب طولا ًفي العمر إن أردنا بذلك التزود من الطاعات وتكثير الحسنات ونشر للخير لنرقى في أعالي الدرجات .
ليس عيب أن نبحث عن رفعة في الدرجات في يوم تزيد الحسنات المؤمن فرحاً ورفعة وأما السيئات فخسران وحسرة .
ليس عيب أن نطمح للفوز العظيم ، فوز بخير في الدنيا وخير في الآخرة .
أمور نريدها بل نريد أكثر منها ، لعلمنا أن لنا ربا كريم يجازي بالقليل الكثير ويوفي الأجر بزيادة دون نقصان
ومن أراد ذلك عليه أن يبحث عن السبيل لذلك وهناك سبل كثيرة دلنا عليه المبعوث رحمة للعالمين ، محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام فكانت هناك إجابات شافية لمن بحث عن السبل ، ستجدها في كتاب الله وسنة رسول الله .
ومن تلك السبل الصدقة ، فهي للداء دواء ، وللقلب إنشراح وللرزق بركة وللعمر طولا .
الصدقة عمل بر وعمل خير تجد أثره في الدنيا والآخرة .
ترى بعين بصرك مالك ينقص ولكن بعين بصيرتك تعرف أنه يزيد ، ذخراً لك في الآخرة وبالفعل هو زيادة وبركة لمالك في الدنيا .
ومايذهب ليس ماتتصدق به كن على يقين بذلك ، مايذهب هو ماتتدخره !
نعم مالك إما أن تذهب عنه أو يذهب عنك ، أما الصدقة فهي لك ، ولما سأل النبي عائشة رضي الله عنها عن الشاة التي ذبحوها ما بقى منها: قالت: ما بقى منها إلا كتفها. قال: { بقي كلهاغير كتفها } [في صحيح مسلم].
وللصدقة أثر عجيب وقصص عجيبة .
يقول صاحب القصة : كان لي معاملة في دائرة ما وقد عانيت بين ذهاب وإياب وموظف يتحدث معي بكثير من التعالي وقد ضقت ذرعاً من هذه المعاملة التي كانت مصدر تعاسة لي .
يقول كالعادة كنت متوجه لتلك الدائرة ووجدت عجوز أرهقتها الدنيا ودفعها الفقر دفعاً لطلب الناس ، فدفعت لها مبلغ بسيط وانطلقت دعوة أحسستها من قلبها صدرت روح ربي ينور لك ويفتح عليك .
يقول صاحب القصة ، فأحسست بإنشراح الصدر وتوجهت للسؤال عن المعاملة فوجدت الموظف بنفس غير النفس الأولى وتعامل غير التعامل الأول وكنت مستغرب ماالذي حدث وغيره ، وبالفعل أنجزت المعاملة في نفس الوقت ورجعت وأنا أشكر الله عز وجل اولاً ثم تلك العجوز التي أصبحت أبحث عنها حتى أقدم لها ولو شيء من الكثير الذي أعطانا الله إياه .
وأقول أنا هذا شيء متوقع فمن فرج عن مؤمن كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ذلك اليوم العظيم ومن باب أولى وهو الكريم سبحانه أن يفرج عنك من كرب هذه الدنيا الفانية .
وآخر يقول كنت أتصدق بريال كلما شاهدت فقير أمامي وكانت محفظة نقودي لاتكاد تخلو من الريالات وكنت ألحظ بركة عجيبة في مالي وإنشراح في صدري كلما بادرت بالتصدق رغم أن ماأتصدق به هو مبلغ زهيد جداَ .
وموقف شخصي حصل معي ، خرجت ذات يوم بسيارتي وصادفت إمرأة مسكينة فبادرت بإعطائها ماكتب الله من ماله الذي أودعنا إياه وكنت بالعفل مسرعاً وفجأة توقفت عند محطة بنزين وبالتحديد في محل غيار الزيت وطلبت من العامل تغيير زيت السيارة وبعد أن قام بتغيير الزيت قام بفحص الإطارات وقال لي بالحرف الواحد الإطارات الخلفية في حالة سيئة ولو تحركت مسافة بسيطة فهي معرضة للإنفجار ولو كنت مسرعاً كان الأمر أخطر ولكن الله لطف بك جعلك تقف وتفحصها .
فقلت سبــحان الله لطفه بنا عجيبه وحمدت الله على نعمة العظيمة علينا وكنت متقين أنها بركة من بركات الصدقة
ولو إستعرضنا قصص في هذا الباب لما فرغنا ولكن هي عجيبة نعم الصدقة عجيبة وأمرها عجيب  فهل جربتها ؟!
ومن صور الصدقة : الصدقة الخفية وهي أقرب للإخلاص والصدقة في حال الصحة والقوة والصدقة التي تكون بعد أداء الواجب والإنفاق على الأولاد والبنات والصدقة على الجار والقريب وغيرها .
ومن صور الصدقة الجارية : سقي الماء وحفر الآبار وإطعام الطعام وبناء المساجد ونشر العلم وغيرها
وأفضل الأوقات في رمضان والعشر من ذي الحجة ويومُ يكون الناس فيه في شدة وحاجة .
أخي الحبيب
إن كنت ممن جربها فقد تكون أدمنتها بالفعل وإن لم تكن ممن جربها فجربها ؟ .
جربها لتطفئ غضب الرب سبحانه فقد قال عليه الصلاة والسلام {إن صدقة السر تطفىء غضب الرب تبارك وتعالى } صحيح الترغيب
جربها لتمحو بها الخطايا والسيئات .
جربها لتكون لك وقاية من النار كما قال عليه الصلاة والسلام : { فاتقوا النار، ولو بشق تمرة)
جربها لتكون في ظلها يوم تدنو الشمس من الخلائق .
جربها لتطهر بها مالك .
جربها لتنعم بحياة سعيدة .
جربها لتسعد قلب فقير .
جربها لتفرج كرب مكروب .
جربها لتزيل هم مهموم .
جربها لتشرح صدرك أنت .
جربها لتدخل البركة لبيتك وأهلك .
جربها لتدفع بها البلايا عنك والمصائب .
جربها لتداوي بها مرض ألم بك مرض بدني أو مرض قلبي . قال عليه الصلاة والسلام : { داووا مرضاكم بالصدقة }.
جربها لتكن ذخراً لك ونجاة لك في يوم عصيب مقداره خمسين ألف سنة .
جربها لك أنت ، لا تجربها للتتأكد من فوائدها فهي حتمية ومعلومة ومعروفة ولكن جربها لنفسك طهرة لك وصلاحاً لحالك .
هـٌــدى
قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم ) [ البقرة:254].
نور من السنة
قال عليه الصلاة والسلام :
{ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً } [في الصحيحين]. الجامع].
موقف
قال ابن شقيق: ( سمعت ابن المبارك وسأله رجل: عن قرحةٍ خرجت في ركبته منذ سبع سنين، وقد عالجها بأنواع العلاج، وسأل الأطباء فلم ينتفع به، فقال: اذهب فأحفر بئراً في مكان حاجة إلى الماء، فإني أرجو أن ينبع هناك عين ويمسك عنك الدم، ففعل الرجل فبرأ )
همسة...نوع في صدقتك بين سر وجهر وراقب الله في عملك حتى لاتخسره .
منقول موقع الشرقية أون لاين 

الخميس، 7 يوليو 2011

( مصـر ) في الإسراء


( مصـر ) في الإسراء  ...عبد القادر أحمد عبد القادر

من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى " عن طريق مصر " كان الإسراء .
وفي المسار كانت محطتان في مصر :
- في محطة سيناء نزل النبي – صلى الله عليه وسلم – فصلى ..
- وفي عمق مصر تنفس أريجًا متصاعدًا ..
محطة سيناء :
روى النسائي وابن كثير في تفسيره ،  صليت بطور سيناء صلى الله عليه وسلم : " ثم قال ( جبريل ) : انزل فصلّ . فنزلت فصليت ، فقال ( جبريل ) : أتدري أين صليت؟ حيث كلم الله موسى " .
يحلو لي أن أسمي سيناء " قدس مصر " فهل نراها نحن المصريين كذلك ؟
لقد بوركت مصر بإنزال التوراة على أرضها ... مثلما بوركت بنشأة الأخوين النبيين موسى وهارون – عليهما السلام - في واديها ، ومثلما بوركت بنزول أبي الأنبياء إبراهيم – عليه السلام – وزوجته سارة – رضي الله عنها - بأرضها ، ومن بعده يوسف وأبواه وإخوته – عليهم السلام – ثم بعد ذلك قدوم ركب السيدة الطاهرة مريم وولدها عيسى – عليهما السلام – وإقامتهما بين المصريين حتى آن الرحيل .
وهاهو الرسول الخاتم ينزل فيصلي على جبل طور سيناء ، فتشيع بركة الإسلام في أنحاء مصر، قبل أن يفتحها عمرو بن العاص .
أريج القبر
ومن عمق مصر، وفي أثناء خطو البراق يستنشق النبي – صلى الله عليه وسلم – عطرًا منبعثًا من الأرض إلى السماء !
روى أحمد والحاكم والبيهقي : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولما أسري بي مرت بي رائحة طيبة ، فقلت ما هذه الرائحة ؟
قال جبريل : ماشطة بنت فرعون وأولادها ، سقط المشط من يدها.
فقالت : بسم الله .
فقالت بنت فرعون : أبي ؟
فقالت ( الماشطة ) : ربي وربك ورب أبيك....قالت ( بنت فرعون ) : أولك رب غير أبي ؟!
قالت ( الماشطة ) : نعم ربي وربك ورب أبيك الله ...فدعاها فرعون فقال : ألك رب غيري ؟
قالت ( الماشطة ) : نعم ربي وربك الله - عز وجل .
فأمر فرعون ببقرة من نحاس ( إناء كبير مملوء بالزيت ) فأحميت ثم أمر بها ( بالماشطة ) أن تـُلقى فيها .
قالت الماشطة : إن لي إليك حاجة.   فرعون : ما هي ؟
قالت ( الماشطة ) : تجمع عظامي وعظام ولدي في موضع .قال فرعون : لك ذلك ، لما لك علينا من الحق .
فأمر فرعون فألقوا واحدًا واحدًا حتى بلغ رضيعًا فيهم ، فقال الرضيع : يا أمه ، لا تقاعسي فإنك على الحق " الحديث صحيح ورواه ابن كثير في تفسيره.

هل يرضى الإخوان بأدائهم الدعوي بعد الثورة ؟


هل يرضى الإخوان بأدائهم الدعوي بعد الثورة ؟.. حازم سعيد
 تذكرت أبياتاً قالها من قبل الشاعر المبدع أحمد مطر يحكى بها حال الزعامات العربية في عصر ما قبل الثورة ، من الذين يجيدون الهتافات الحنجورية من نوعية أننا سنلقي بإسرائيل في البحر أو أننا كام مليون سنجتاحها إن أردنا سيراً على الأقدام ، دون أن يقابل ذلك سلوك في واقع الحياة .
يقول المبدع أحمد مطر :
عباس وراء المتراس ، يقظ منتبه حساس ،منذ سنين الفتح يلمع سيفه ، ويلمع شاربه أيضا، منتظرا محتضنا دفه ، بلع السارق ضفة ،قلب عباس القرطاس ، ضرب الأخماس بأسداس ،(بقيت ضفة) لملم عباس ذخيرته والمتراس ، ومضى يصقل سيفه، عبر اللص إليه، وحل ببيته ،(أصبح ضيفه) قدم عباس له القهوة، ومضى يصقل سيفه ،صرخت زوجة عباس: " أبناؤك قتلى، عباس ، ضيفك راودني، عباس ، قم أنقذني يا عباس" ،عباس ــ اليقظ الحساس ــ منتبه لم يسمع شيئا ،
)زوجته تغتاب الناس(صرخت زوجته : "عباس، الضيف سيسرق نعجتنا" ،قلب عباس القرطاس ،ضرب الأخماس بأسداس ، أرسل برقية تهديد ،فلمن تصقل سيفك يا عباس" ؟"  (لوقت الشدة)  إذا ، اصقل سيفك يا عباس
تذكرت هذه الأبيات أنا وبعض إخواني ونحن نتدبر سوياً حال إخواننا وأداءهم ومشاركاتهم في الفعاليات الإيمانية والتربوية ثم الدعوية والحركية قبل وبعد الثورة ، وتعجبنا سوياً كيف كنا نحلم بزمان الحرية لتعود مناخاتنا وفعالياتنا التربوية والإيمانية ولننطلق سوياً في مجال الحركة والدعوة إلى الله الرحيب بكل الحرية ودون قيود ، ثم لما كشف الله الغمة بهذه الثورة المباركة ، إذا ببعض إخواننا منشغلين بهموم معايشهم وحياتهم ، ومتفرغين عن دعوتهم وعن جماعتهم ، حتى أنك ترى درس ثلاثاء كنا نحلم بعودته ونتنسم عبيره أيام كانت مساجدنا مصادرة وممنوعين عنها ، إذا بنا نرى درس ثلاثاء يفترض أن يحضره المئات إن لم يكن الآلاف من الإخوان بخلاف الدوائر الأخرى ومن يحبنا من خارج الإخوان .. إذا بنا نراه يحضره عشرات من الإخوان بخلاف الآحاد من أهل المسجد الذي يقام فيه الدرس !
هذا المثال مجرد نموذج لنوعية تفاعل كثير من أفراد الصف مع المناخات والأنشطة بعد الثورة ، وهى ما كنا نعده حلماً جميلاً أن تعود مثل هذه المناخات لنرتع فيها !
كان البعض يتذرع بالتضييق والاستضعاف مع أن الله سبحانه قال : " إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً " .
والآن بعد أن فتح الله لنا ، ويسر لنا كل سبل الحرية والنشاط بلا أي نوع من القيود ، فبماذا نتذرع ؟
هذا الحال استلزم هذه المقالة ، ولإخواني في الله من أبناء دعوة الإخوان أتوجه بها ، عسى أن ينفعنا الله جميعاً بما فيها وتكون حجة لنا – لا علينا - يوم القيامة ، ولعلها تلقى قلوبنا طيعة يغير الله بها من حالٍ إلى حال .
عظم المهمة .. ومن لهذه الأمة الثكلى
الأستاذ البنا وضح لنا مراتب العمل داخل جماعة الإخوان المسلمين ، وجعل على رأس هذه المراتب أستاذية العالم التي تأتي في المرتبة السابعة من العمل بعد إصلاح النفس ثم تكوين البيت المسلم ثم إرشاد المجتمع ، فتحرير الوطن ، ثم إصلاح الحكومة ، فإعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية ، وأخيراً أستاذية العالم .
ومن يقرأ كل مرحلة على حدة يكتشف عظم المهمة التي يضطلع بها الأخ المسلم ، فالأمر لا يمثل له مجرد النجاة بنفسه من النار ودخول الجنة وهي غاية عظمى بعد مرضاة الرب جل وعلا ، ولكن الفرد المسلم وفق نظرة الإسلام الصحيحة والتي عبر عنها البنا في منهاج الإخوان تقتضى منه العمل لصالح الأمة الإسلامية بما مر من مراتب .
وهى مهمة عظيمة جليلة خطيرة ، لا تنتظر الكسالى ولا القاعدين ، ولا من يعطون دعوة ربهم فضول أوقاتهم ، ولا من ينشغلون عنها بكسب الأرزاق والمعايش ، ويقعدون عن تلك الغايات العظمى .
إن من أعجب العجب أن ينشغل المرء بما أقسم الله – سبحانه – على ضمانه وتوكيد حصوله عليه وأنه ليس من شأنه وإنما هو تدبير للخالق جل وعلا ، حين يقول سبحانه : " وفى السماء رزقكم وما توعدون ، فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون " .
ينشغل المرء بما ضمنه عما كلف به من عبادة الله والسير في طاعته والدعوة إليه واقرأ قوله تعالى : " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " .
وتدبر بعين قلبك قول ربعي بن عامر لرستم قائد الفرس والذى يصلح دستوراً لحياة كل واحد منا : " الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة " .
فهذه هي المهمة وتلك هي الغاية ، أفتراها همة وغاية تنتظر القاعدين أو المنشغلين ؟ لا أعتقد ، ولا يمكن أن أظن .
أما من ينشغل عن الدعوة والإيمان والتربية والحركة بالإسلام بين الناس بشهوة أو معصية ، فله شأن آخر وحديث ليس هذا مكانه ولا زمانه .
 الأجر الذى ينتظر المرابطة..الراشدون من قبلنا قالوا : ( من لمح نور الأجر .. هان عليه ظلام التكليف ) ..ومن قبلها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أَلا هَلْ مُشَمِّرٍ لِلْجَنَّةِ ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ لا خَطَرَ لَهَا , هِيَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ نُورٌ يَتَلأْلأُ ، وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ ، وَقَصْرٌ مُشَيَّدٌ ، وَنَهْرٌ مُطَّرِدٌ ، وَفَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ نَضِيجَةٌ ، وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ ، وَحُلَلٌ كَثِيرَةٌ فِي مَقَامٍ أَبَدًا , فِي حَبْرَةٍ وَنَضْرَةٍ , فِي دَارٍ عَالِيَةٍ سَلِيمَةٍ بَهِيَّةٍ " ، قَالُوا : نَحْنُ الْمُشَمِّرُونَ لَهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : " قُولُوا : إِنْ شَاءَ اللَّهُ " ، ثُمَّ ذَكَرَ الْجِهَادَ وَحَضَّ عَلَيْهِ . صحيح ابن حبان .
وتدبر ذكره صلى الله عليه وسلم للجهاد والحض عليه بعد ذكره الجنة والترغيب فيها .
ألا يكفيك أن تكون أخاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وفق ما رواه أبو هريرة بمسند الإمام أحمد حين قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقبرة فسلم على أهلها قال : " سلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ، وددت أنا قد رأينا إخواننا " ، قالوا : أولسنا إخوانك يا رسول الله ؟ قال : " بل أنتم أصحابي وأخواني الذين لم يأتوا بعد وأنا فرطكم على الحوض " ، قالوا : وكيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله ؟ قال : " أرأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله ؟ " ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : " فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء - يقولها ثلاثا - وأنا فرطكم على الحوض ، ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم الا هلم الا هلم فيقال انهم قد بدلوا بعدك فأقول سحقا سحق " . صححه شعيب الأرناؤوط وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( من أشدّ أمتي لي حُباً ، ناسٌ يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله )) رواه مسلم
أفلا ترغب – أخي الحبيب – أن تكون أخاً للنبي صلي الله عليه وسلم ؟ وكيف تكون أخاً له وقد تكاسلت عن طريقته وهديه ونصرته لدين ربه وجهاده في سبيله وقعدت عن ذلك كله ؟
أفلا تحذر أن ترد عن حوضه ؟ وكيف لا ترد عن حوضه كما يرد البعير الضال ، وقد بدلت طريقته في الدعوة والحركة والجهاد ، وراجع سيرته التي تحفظها عن ظهر قلب لتري كيف كانت قدماه تتشقق من قيامه لليل ، وكيف كان الصحابة يتقون به إذا اشتد الوطيس ، لتعلم كم فرطت وبدلت .
 حراسة النعمة .. والوفاء للشهداء
وهنا أسوق إليك هذه الأبيات فإنها خير معبر عن حالنا مع نعمة الحرية التي وهبها الله لنا على أشلاء إخواننا من شهداء الثورة ، الذين قدموا أرواحهم الغالية – رخيصة وسهلة – في سبيل هذه الحرية :
إذا كنت في نعمة فارعها
فأن الذنوب تزيل النعمْ
وحطها بطاعة رب العباد
فرب العباد سريع النقمْ
 وأي معصية أشد من القعود والكسل والانشغال بعرض الدنيا عن العبادة والطاعة والدعوة والجهاد ونصرة الدين .
انظر لعبد الله بن المبارك وهو يخاطب الفضيل الذى انشغل عن الجهاد بالعبادة ومجاورة الحرم حين عاتبه بالأبيات المشهورة : يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك في العبادة تلعب .
فما بالك إذا كنت أصلاً منشغلاً عن العبادة ، وعن المساجد ، ثم عن الدعوة والحركة ؟ فأين قلبك ، ثم أين عقلك ؟
انظر – أخي – إلى الحكمة من مناخ الحرية الذى وهبنا الله إياه بعد طريق طويل خضب بالدماء تخضيباً ، سنوات قهر واعتقال وتضييق في المعايش والأرزاق ، ثم قتلي وشهداء ، ثم تأتى الحرية بعد ذلك ويقدر الله للأمر حكمة يخبرنا عنها في محكم آياته بقوله سبحانه : " قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون " الأعراف .
قال القرطبي في تفسيره : " فينظر كيف تعملون أي يرى ذلك العمل الذي يجب به الجزاء ; لأن الله لا يجازيهم على ما يعلمه منهم ; إنما يجازيهم على ما يقع منهم " انتهى .
إنها آية عظيمة تبين بوضوح الفارق بين شهوة النصر وإهلاك العدو ، وبين مسئولية الاستخلاف والإعمار والبناء والعمل لدين الله ، إنها تجذبك من القعود الناجم عن الفرح والنشوة والشهوة ، إلى المسئولية وما ينجم عنها من عبادة وحركة وجهاد .
من جاهد فإنما يجاهد لنفسه .. ورجل القول غير رجل العمل
عندنا حكمة مطردة أن رجل القول غير رجل العمل ، وهذه هي الحكمة الرئيسية من هذه المقالة ، فما أسهل الكلام ، ولكن ما أصعب العمل ، كنا أيام الاعتقالات والتضييق ، نقول : لو أن عندنا مناخات حرية لفعلنا وفعلنا . وهذا هو حال رجل القول .
أما عندما جاء أوان العمل فإنك تعجب من كثرة القاعدين ، لتتأكد الحكمة باختلاف رجل القول عن رجل العمل
يذكرنا ذلك بالسجال المشهور بين أحد التابعين وبين الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان رضى الله عنه حين قال له التابعي أنه لو رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم لفعل فعالاً في نصرته والذود عنه وحمله عن الأرض حملاً حتى لا يحتاج لأن يمشي عليها – وهو كلام عاطفي ليس إلا - .. فرد عليه الصحابي الجليل بقصته في غزوة الأحزاب وكيف انتدب الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة ليعلموه عن خبر القوم في ليلة شديدة الريح والظلمة والفزع حتى أن أحدهم لم يكن يستطيع أن يضع " بولته " ، وأن الصحابة – على ما هم عليه من الفضل والمنزلة ورؤية الآيات المعجزة ومعاينتها بأنفسهم - ورغم الترغيب الشديد لم يقوموا إلا عندما انتدب النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة بالاسم للمهمة ، وفيها الدلالة الشديدة على أن الكلام سهل ، وأن ميدان القول غير ميدان العمل  والأخيرهو الذى نحتاج لرجاله اليوم .
والحاصل من هذا الكلام أن من يعمل ومن يجاهد فإنما هو المستفيد وهو الذى يفرح ويفوز بحركته ، وهو الذى يخسر بقعوده ، والله سبحانه يقول : " وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ، ثم لا يكونوا أمثالكم " ، وهو سبحانه نعم القائل : " وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ " .
 البيعة والوقف
أيها الأخ الكريم .. إنها بيعة مع الله عز وجل , ووقف للنفس والمال والأعمار والأوقات للبذل في سبيله ، فهل أنت ممن بايع ووقف ؟
الله سبحانه يقول : " إن الله اشترى من المؤمنين ، أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة "  فهل أنت ممن باع ؟
والله سبحانه يقول : " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ، وما بدلوا تبديلاً " فهل أنت ممن صدق ، قضيت أنت مع الشهداء فنعما هي حياة ، أو انتظرت معنا بعد الثورة ، فهل صدقت ولم تبدل ؟
هل تعرف ماذا يعنى أنك بعت لله نفسك ومالك ؟ إنها صفقة بين متبايعين . . اللّه - سبحانه - فيها هو المشتري ، والمؤمن فيها هو البائع .
فهي بيعة مع اللّه لا يبقى بعدها للمؤمن شيء في نفسه ولافي ماله ليبخل به دون اللّه - سبحانه - ودون الجهاد في سبيله لتكون كلمة اللّه هي العليا ، وليكون الدين كله للّه ، لقد باع المؤمن للّه في تلك الصفقة نفسه وماله مقابل ثمن محدد معلوم هو الجنة وهو ثمن يربو ويزيد عن السلعة . فهل فعلت ؟
ما هكذا تورد الإبل
أيها الأخ الحبيب ، إن قعودنا بعد الثورة المباركة ، وبعد نعمة الله سبحانه علينا بالحرية ، لهو ورود من غير المورد ، وما هكذا تورد الإبل .
وإن نماذج من سبقنا من الصالحين المجاهدين الذين رابطوا على الثغور .. ثغور الإسلام والعبادة والطاعة والدعوة والحركة والجهاد ، لهى على غير هذا الحال .
وانظر لنبيك الكريم صلى الله عليه وسلم وهو تتشقق قدماه من الوقوف لله في جوف الليل .
وانظر إليه وهو يسافر للطائف على قدميه ويتداعي عليه السفهاء ليدموا قدمه الشريف ، ألم تسمع بوجنته الشريفة وحلقتي المغفر اللتان دخلتا في وجنته في غزوة أحد حتى أخرجهما له أبو عبيدة رضى الله عنه ، ألم تسمع عن حصاره بالطائف وكيف صبر ولم يتوانى ، ألم تقرأ عن ربطه الحجارة على بطنه من الجوع بالأحزاب ، ولم يمنعه ذلك عن جهاده ، ألم تعلم بالأذى الذى ألقاه عليه كفار قريش ببطن الكعبة ، ولم يصده ذلك عن الصدع بدينه ، والجهر بدعوته ؟ أوليس لك في رسول الله الأسوة الحسنة ؟
وانظر إلى صحابة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وكيف جابوا البلاد والأمصار ولم يقعدوا في ظل ثمار المدينة بل جاهدوا في سبيل الله ، وما حال أبو أيوب الأنصاري رضى الله عنه منك ببعيد حين طلب من رفاقه في الجهاد أن يوغلوا بجسده ويدفنوه على مشارف القسطنطينية حتى يكون إعذاراً إلى ربه أنه جاهد لأبعد ما يكون الجهاد ، والسلسلة المجاهدة التي لم تقعد في تاريخ الإسلام طويلة ممتدة .
ألم ترافق أو تسمع عن شيوخ الدعوة المباركة التي تنتمى إليها بدءاً من مؤسسها الذى كان يجوب كل البلاد ، حتى قيل أنه كان يصلى الفجر في بلد والظهر في أخري والعصر في ثالثة والمغرب والعشاء في رابعة .
ثم من بعده الصالحين والطيبين الذين رأينا بعضهم ولم يقعدوا أو يتوانوا أو يكسلوا ، وحدثني أخ من الأقاليم عن شيخ من شيوخ هذه الدعوة المباركة ، أحسبه الأستاذ لاشين أبو شنب عضو مكتب الإرشاد والمقيم بمدينة طنطا ، وهو مريض مرضاً مقعداً وصل إلى أن نصفه بالطول مشلول يذهب لموعد بالقاهرة فإذا به وهو هناك يعلم أن الموعد بالإسكندرية وأنه بلغ بأنه بالقاهرة خطاً ، فما كان منه إلا أن أصر على الذهاب للإسكندرية لأنه خرج مرابطاً ويعلم أن ذلك من الرباط .
إذا كان هذا هو حال شيوخ دعوتك المباركة ، فمن أين – أخي الكريم - جئت بهذا الكسل والقعود ..
يا عالي الغاية والمهمة .. لن تصل إليهما إلا بعالي الهمة ...
رزقنا الله وإياكم علماً نافعاً ودعاءاً مستجاباً وعملاً متقبلاً .. آمين..

تحويل القبلة.. أم تحويل النفس؟


تحويل القبلة.. أم تحويل النفس؟

في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم حوادث فارقة، ونقاط حاكمة، في توجيه مسيرة الأمة المسلمة، سواءً على مستوى الانتصارات، أو على مستوى الانكسارات، أو على مستويات أخرى مختلفة.
وحادثة تحويل القبلة التي تمرُّ علينا ذكراها هذه الأيام -على القول الأرجح- من الحوادث الفارقة في تميُّز الصفِّ المسلم، وتنقيته من الخبث، تمامًا كما كانت رحلة الإسراء والمعراج، وكما كانت سرية عبد الله بن جحش رضي الله عنه وما تبعها من قتلٍ في الشهر الحرام، وكما كانت غزوة أحد، وكما كانت أحداث الحديبية، وكلها تصبُّ في سياق التطهير وتنقية الصفِّ المسلم.
روى الإمام البخاري رحمه الله تعالى عن البراء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا، أو سبعة عشر شهرا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قِبَل البيت، وأنه صلى، أو صلاها، صلاة العصر وصلى معه قوم، فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على أهل المسجد وهم راكعون، قال: أشهد بالله لقد صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم قِبَل مكة، فداروا كما هم قِبَل البيت. وكان الذي مات على القبلة قبل أن يتحوَّل قِبَل البيت رجال قتلوا، لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله: (وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم) [البقرة: 143].
وأخرج الإمامان البخاري ومسلم عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر، قال‏:‏ بينما الناس في صلاة الصبح بقباء إذ جاءهم آت، فقال‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُنزِل عليه الليلة، وقد أُمِر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى القبلة: الكعبة.
ومنعًا من تكرار الحديث وملله حول تحويل القبلة وما دار فيها من لغطٍ وإثارة فتنةٍ من قِبَل اليهود، وهو الحديث الذي طالما نسمعه عند حلول هذه الحادثة، فلن أتطرق لشيءٍ من ذلك، وإنما سأقف وقفاتٍ ثلاثٍ يدور محورها كلها حول منطق "التحويل"، وعلى قدرة أمة الإسلام أن تحوِّل نفسها إلى الوجهة التي أرادها ربها سبحانه، ودعا لها رسولها صلى الله عليه وسلم:
الوقفة الأولى

إن الأمة التي شاء الله تعالى لها أن تكون الأمة الوارثة المستخلفة في الأرض التي تحمل الأمانة وتشهد على العالَمين: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [البقرة: 143] هذه الأمة أراد لها الله تعالى أن تنفرد بحسٍّ إسلاميٍّ ربانيٍّ مميزٍ، فاتجاه المسلمين إلى بيت الله الأول هو تميزٌ للمسلمين، هو وراثة الفضل من الله تعالى، فتحويل قبلة المسلمين إلى المسجد الحرام الذي بناه إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، ودعوا له بالأمن والرزق والبركة والحفظ لهو السياق الطبيعي المنطقي مع وراثة المسلمين لدين إبراهيم وعهده عليه السلام مع ربه سبحانه، وهو المنهج الذي يميز أمة الشهادة، فيربطها بأصولها وتاريخها وعقيدتها، ويمنحها القيادة التي خُلقت لها وأُخرجت للناس من أجلها، فلها تميزٌّ في الجذور والأصول، وفي الأهداف والغايات، وفي الراية والوجهة.
وهذه الخصوصية وذلك التميز هو ما كان يسعى إليه النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو الله تعالى لأجل الحصول عليه. فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان أول ما نُسِخ من القرآن القبلة، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة، وكان أكثر أهلها اليهود، أمره الله عز وجل أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعة عشر شهرا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم عليه السلام، فكان يدعو وينظر إلى السماء، فأنزل الله تبارك وتعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء) إلى قوله: (فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) [البقرة: 144-150].
إن الخصوصية والتميز ضروريان للجماعة المسلمة، في التصور والاعتقاد، وفي القبلة والعبادة، وفي كل شيء.


الوقفة الثانية
كانت حادثة تغيير القبلة اختبارًا لمدى قدرة الأمة المسلمة على "التسليم" لكل ما يجيء به دينها، ولمدى إمكانية أن تغيِّر ما في نفسها كي تؤمن وتطيع وتلتزم، قال تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ) [البقرة: 143].
هذه الطاعة، وذلك التسليم، الذي أقسم الله تعالى بنفسه على نفي الإيمان عمن لا يملكه في قوله تعالى: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيما) [النساء: 65].

وقد نجحت الأمة المسلمة في هذا الاختبار، وفي قدرتها على التسليم وعلى تغيير النفس حين استسلم الصحابة لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، فما جادلوا، ولا تلجلج الإيمان في قلوبهم، بل إنهم من كمال استسلامهم أن تحولوا إلى القبلة وهم يصلون، ولم ينتظروا الصلاة التالية.
الوقفة الثالثة
كان العرب يعظمون البيت الحرام في جاهليتهم ويعدونه عنوان مجدهم، ولما كان الإسلام يريد استخلاص القلوب لله وتجريدها من التعلق بغيره، وتخليصها من كل نعرةٍ، وكل عصبيةٍ لغير منهج الله تعالى، ذلك المنهج المجرد من كل علاقةٍ تاريخيةٍ أو عنصريةٍ، بل وأرضية، فقد انتزعهم من الاتجاه إلى البيت الحرام، وشاء لهم الاتجاه إلى المسجد الأقصى لفترةٍ ليست بالقصيرة، وما ذاك إلا ليخلِّص نفوسهم من رواسب الجاهلية، ومن كل ما كانت تتعلق به في الجاهلية، وليعلم من يتبع الرسول اتباعًا مجردًا من كل إيحاءٍ آخر، اتباع الطاعة والرضى والتسليم، ممن ينقلب على عقبيه اعتزازًا بنعرةٍ جاهليةٍ تتعلَّق بأيِّ شيءٍ كان؛ جنسٍ أو قومٍ أو أرضٍ أو تاريخ، أو حتى تتلبس بها في خفايا النفوس والقلوب.
ثم لمَّا خلصت النفوس وجَّهها الله تعالى إلى قبلةٍ خاصةٍ تخالف قبلة أهل الديانات السماوية الأخرى تخليصًا لها من خرافات انحرافات هذه الديانات، وهو ما أغرى "السفهاء" منهم بالاعتراض والتشكيك، وردَّ الله تعالى كيدهم وجهلهم: (سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل للهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [البقرة: 142].
وقد وصف الله تعالى هذه القدرة على تخليص النفوس بأنها "كبيرة": (وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ) [البقرة: 143]، غير أنها ليست كذلك على الذين هدى الله تعالى، فمع الهدى لا مشقة ولا عسر في أن تخلع النفس عنها أي رداءٍ سوى الإسلام، وأن تنفض عنها رواسب الجاهلية، وأن تتجرد لله تعالى تسمع منه وتطيع، وحيثما وجهها الله تعالى تتجه.
أراد الله تعالى لنفس المسلم أن تتخلَّص من كل رواسب الجاهلية ووشائجها، وأن تتجرد من كل شعار اتخذته في الجاهلية، فبدأ توجيهها إلى قبلةٍ تخالف قبلة العرب تخليصًا لها من ارتباطها بالجاهلية، ثمَّ عاد وخصَّها بقبلةٍ تخالف قبلة أهل الديانات السماوية الأخرى، تنقيةً لها من التحريف والتزوير.
هكذا تعاملت الأمة المسلمة مع حادثة تحويل القبلة، وتعاملنا اليوم مع هذه الحادثة يجب أن يكون بمنطق "التحويل" الذي حدث بسببه تحويل القبلة: أن نخلع عن أنفسنا كل ما يعوق التزامنا بتعاليم ديننا، ألاّ تمنعنا أية وشائج من أن نكون كما أراد الله تعالى، أن نملك اليقين والطاعة والتسليم أمام كل ما يأمرنا به رسولنا صلى الله عليه وسلم، وأن نغلِّب ذلك كله على جنسنا وأرضنا وأهلنا ونسبنا والناس أجمعين، أن ينفرد الإسلامُ في حِسِّنا، وأن لا ينازعه في ذلك أحد أو جهةٌ أو كيان.
وعندما نفعل ذلك نعود لأمة التميز والخصوصية، والريادة والقيادة، والشهادة على العالَمين.
لقد كان لحادثة تحويل القبلة آثارٌ كبيرةٌ في حياة الأمة المسلمة في داخلها، وفي علاقاتها مع الآخرين، وهكذا يجب أن يكون لهذه الحادثة اليوم آثارها في نفوسنا وفي علاقاتنا بالآخرين: (وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ) [البقرة: 143].
إنها لم تكن حادثة تحويل قبلة قدر ما كانت حادثة تحويل نفس.