الاثنين، 29 مارس 2010

الرسول القدوة كزوج صلى الله عليه و سلم


الرسول القدوة كزوج صلى الله عليه و سلم

وأما حال النبي  مع أزواجه فهذا ما تقف عنده العبارة لنعته على عتبة الحيرة أمداً ، ولئلا أزجَّ بنفسي في امتحان بلاغة وتعبير أكتفي بسرد النصوص الدالة على حسن معاشرته لهم ، وكريم أخلاقه معهم .
وكيف لا يكون حاله كذلك وهو القائل في يوم عرفة :
«اتَّقُوا اللهَ فِي النِّسَاءِ؛ فإنَّكمْ أخَذْتُمُوهنَّ بأمَانِ اللهِ ([1]) ، واسْتَحْلَلْتُم فُرُوْجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللهِ ([2])»([3]).
وهو القائل e : «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ ؛ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ» ([4]) . ولفظ مسلم :«إِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ لَنْ تَسْتَقِيمَ لَكَ عَلَى طَرِيقَةٍ» . وعن سمرة بن جندب t قال : قال رسول الله e : «إن المرأةَ خُلِقت مِن ضِلَع، فإنْ أقَمْتَها كسرتَها ، فدارِها تَعِشْ بِها» ([5]).
لقد كان النبي e وفياً لأزواجه ..
فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مَا غِرْتُ عَلَى امْرَأَةٍ مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ وَلَقَدْ هَلَكَتْ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَنِي بِثَلَاثِ سِنِينَ لِمَا كُنْتُ أَسْمَعُهُ يَذْكُرُهَا ، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُبَشِّرَهَا بِبَيْتٍ مِنْ قَصَبٍ فِي الْجَنَّةِ ، وَإِنْ كَانَ لَيَذْبَحُ الشَّاةَ ثُمَّ يُهْدِيهَا إِلَى خَلَائِلِهَا ([6]) .
وعنها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ e مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ ، وَمَا رَأَيْتُهَا ، وَلَكِنْ كَانَ النَّبِيُّ e يُكْثِرُ ذِكْرَهَا ، وَرُبَّمَا ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ خَدِيجَةَ ، فَرُبَّمَا قُلْتُ لَهُ : كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الدُّنْيَا امْرَأَةٌ إِلَّا خَدِيجَةُ ؟! فَيَقُولُ : «إِنَّهَا كَانَتْ وَكَانَتْ ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ» ([7]) .
وعَنْ مَسْرُوقٍ رحمه الله ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ e إِذَا ذَكَرَ خَدِيجَةَ أَثْنَى عَلَيْهَا فَأَحْسَنَ الثَّنَاءَ ، فَغِرْتُ يَوْمًا ، فَقُلْتُ : مَا أَكْثَرَ مَا تَذْكُرُهَا حَمْرَاءَ الشِّدْقِ ! قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا خَيْرًا مِنْهَا . قَالَ :«مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا ، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاءِ» ([8]) .
ما أعظمَ وفاءَ نبيِّنا  ! لقد كان من الممكن أن يُمِرَّ مقالة عائشة رضي الله عنها، أو يسكت عن ذلك ، ولكنه آثر الذب عن زوجه الأولى ، وهذا من وفائه صلوات الله وتسليماته عليه . وأرسل إلى أصدقاء خديجة مرةً من شاة ذبحها ، فأسمعته عائشة –رضي الله عنهما- ما يغضبه ، فقال  :«إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا» ([9]) .
الوفاء .. لا يعجب الإنسان منه بقدر ما يعجب من لغة حوت معناه بكلمة ، هو رأس النبل ، وبه تستمد معاني الإنسانية بقاءها ، وحياة بدونه يفضلها انقطاعها ، قلِّب نظرَك حيث شئت ، فهل تجد من أهله إلا عظيماً كريماً ؟!
وكان e يسأل عن حاجتهن ويتفقد أحوالهنَّ كل يوم ..
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e إِذَا انْصَرَفَ مِنْ الْعَصْرِ دَخَلَ عَلَى نِسَائِهِ ، فَيَدْنُو مِنْ إِحْدَاهُنَّ من غير مَسِيْسٍ ، حَتَّى يَبْلُغَ إِلَى الَّتِي هُوَ يَوْمُهَا فَيَبِيتَ عِنْدَهَا" ([10]) .
كان رسولنا e يلاعب نساءه ..
فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ e فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَأَنَا جَارِيَةٌ لَمْ أَحْمِلْ اللَّحْمَ وَلَمْ أَبْدُنْ ، فَقَالَ لِلنَّاسِ :« تَقَدَّمُوا » ، فَتَقَدَّمُوا ، ثُمَّ قَالَ لِي :«تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ » ، فَسَابَقْتُهُ ، فَسَبَقْتُهُ ، فَسَكَتَ عَنِّي ، حَتَّى إِذَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ وَبَدُنْتُ وَنَسِيتُ خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ ، فَقَالَ لِلنَّاسِ :« تَقَدَّمُوا » ، فَتَقَدَّمُوا ، ثُمَّ قَالَ :« تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ » ، فَسَابَقْتُهُ ، فَسَبَقَنِي ، فَجَعَلَ يَضْحَكُ وَهُوَ يَقُولُ :« هَذِهِ بِتِلْكَ » ([11]) .
وهو القائل عليه الصلاة والسلام :« إِنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ بَاطِلٌ ، إِلَّا رَمْيَةَ الرَّجُلِ بِقَوْسِهِ ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ ، وَمُلَاعَبَتَهُ امْرَأَتَهُ ؛ فَإِنَّهُنَّ مِنْ الْحَقِّ » ([12]) .
وكان e يمازحهنَّ ..
فلقد تدافع يوماً مع عائشة للخروج من الباب على سبيل الممازحة ([13]) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : رَجَعَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ e ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ جَنَازَةٍ بِالْبَقِيعِ وَأَنَا أَجِدُ صُدَاعًا فِي رَأْسِي وَأَنَا أَقُولُ : وَا رَأْسَاهْ . قَالَ : «بَلْ أَنَا وَا رَأْسَاهْ» ، قَالَ:« مَا ضَرَّكِ لَوْ مِتِّ قَبْلِي فَغَسَّلْتُكِ وَكَفَّنْتُكِ ، ثُمَّ صَلَّيْتُ عَلَيْكِ وَدَفَنْتُكِ » . قُلْتُ : لَكَأَنِّي بِكَ وَاللَّهِ لَوْ فَعَلْتَ ذَلِكَ لَقَدْ رَجَعْتَ إِلَى بَيْتِي فَأَعْرَسْتَ فِيهِ بِبَعْضِ نِسَائِكَ . قَالَتْ : فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ e ثُمَّ بُدِئَ بِوَجَعِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ ([14]).
وكان عليه لصلاة والسلام يعين نساءه في عمل البيت ..
سئلت عائشةُ : مَا كَانَ النَّبِيُّ e يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ :" كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ -تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ ([15]).
وسئلت : مَا كَانَ النَّبِيُّ e يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ : كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ ، وَكَانَ يَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ ([16]).
وكان e يصبر على أذيتهنَّ ..
ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله e ، فوجد الناس جلوساً ببابه لم يؤذن لأحد منهم ، قال : فأذن لأبي بكر فدخل ، ثم أقبل عمر فاستأذن ، فأذن له ، فوجد النبي e جالساً حوله نساؤه واجماً ساكتاً ، قال : فقال : لأقولن شيئاً أضحك النبي e ، فقال : يا رسول الله لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة فقمت إليها فَوَجأْتُ ([17]) عنقَها . فضحك رسول الله e وقال : «هنَّ حَولي كما تَرى يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ» فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها فقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها ، فنهاهما رسول الله e ، كلاهما يقول : تسألن رسول الله e ما ليس عنده ؟ فقلن : والله لا نسأل رسول الله e شيئاً أبداً ليس عنده . ثم اعتزلهن شهراً أو تسعاً وعشرين ، ثم نزلت عليه هذه الآية :}يا أيها النبي قل لأزواجك{  حتى بلغ }للمحسنات منكن أجراً عظيماً{ ، فبدأ بعائشة فقال : « يَا عَائِشَةُ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكِ أَمْرًا أُحِبُّ أَنْ لَا تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَوَيْكِ». قالت : وما هو يا رسول الله ؟ فتلا عليها الآية ، قالت : أفيك يا رسول الله أستشير أبوي ؟! بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة ، وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت . قال :«لَا تَسْأَلُنِي امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ إِلَّا أَخْبَرْتُهَا ؛ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلَا مُتَعَنِّتًا ، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا» ([18]) .
وتأمل هذه القصة ، مع أنّ النبي e قد تأذى من سؤالهنّ صبر عليهنّ ، وقام أبو بكر وعمر على ليقرع كل واحد منهما بنته فمنعهما رسول الله e ، وتسأله عائشة أن لا يخبر واحدةً منهنّ بما اختارته فيعارضها؛ حرصاً منه على ما ينفعهنّ ..
إني لأسأل مراراً : كيف لقلب أن يتسع لكل هذه الرحمة ؟! وأيم الله إنّ التأمل في مثل هذه القصص لَمن أكبر ما يحمل على الرجاء في رحمة الله ، فإذا كان هذا حال من خلقه الله ، فكيف برحمة الله بعباده ؟!
كان e سهلاً ليناً هيناً معهنَّ ..
لما أرادت عائشة أن تأتي بالعمرة بعد الحج أذن لها النبي e ، قال جابر t : وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ e رَجُلًا سَهْلًا إِذَا هَوِيَتْ الشَّيْءَ تَابَعَهَا عَلَيْهِ ، فَأَرْسَلَهَا مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَأَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ مِنْ التَّنْعِيمِ ([19]).
لم يكن e بالعنيف عليهنّ ..
فعَنْ أَنَسٍ t : أَنَّ النَّبِيَّ e كَانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ ، فَأَرْسَلَتْ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ ، فَضَرَبَتْ يَدَ الْخَادِمِ ، فَسَقَطَتْ الْقَصْعَةُ ، فَانْفَلَقَتْ ، فَأَخَذَ النَّبِيُّ e فَضَمَّ الْكَسْرَيْنِ وَجَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ وَيَقُولُ :«غَارَتْ أُمُّكُمْ، غَارَتْ أُمُّكُمْ» ، وَيَقُولُ لِلْقَوْمِ :«كُلُوا» . وَحَبَسَ الرَّسُولَ حَتَّى جَاءَتْ الْأُخْرَى بِقَصْعَتِهَا ، فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ رَسُولُ اللَّهِ e إِلَى الَّتِي كُسِرَتْ قَصْعَتُهَا وَتَرَكَ الْمَكْسُورَةُ لِلَّتِي كَسَرَتْ ([20]).
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : عَثَرَ أُسَامَةُ بِعَتَبَةِ الْبَابِ ، فَشُجَّ فِي وَجْهِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ e :«أَمِيطِي عَنْهُ الْأَذَى» . قالت : فَتَقَذَّرْتُهُ ، فَجَعَلَ يَمُصُّ عَنْهُ الدَّمَ وَيَمُجُّهُ عَنْ وَجْهِهِ ([21]).
والشاهد مراعاته لها وعدم تعنيفه إذ لم تطق فعل ذلك .
وما كان e يضرب نساءه ..
فعنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ e شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّه ([22]) .
وقال عليه الصلاة والسلام :« بِمَ يَضْرِبُ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ ضَرْبَ الْفَحْلِ أَوْ الْعَبْدِ ثُمَّ لَعَلَّهُ يُعَانِقُهَا » ([23]) .
لوام رخّص النبي e فِي ضرب النساء أَطَافَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ e نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ ، فَقَالَ النَّبِيُّ e :« لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ، لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ » ([24]) .
كان e يعدل بينهنّ ..
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e يَقْسِمُ فَيَعْدِلُ ، وَيَقُولُ :«اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ ، فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» ([25]).
وقالت : "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْقَسْمِ مِنْ مُكْثِهِ عِنْدَنَا"  ([26]).
ومن عدله أنه كان إذا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا سافر بها([27]).
وكان e يوجِّهُهن ، ويأمرُهن بالمعروف ، وينهاهنّ عن المنكر ..
فعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، أَنَّ النَّبِيَّ e اسْتَيْقَظَ لَيْلَةً فَقَالَ :«سُبْحَانَ اللَّهِ ، مَاذَا أُنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنْ الْفِتْنَةِ ؟ مَاذَا أُنْزِلَ مِنْ الْخَزَائِنِ ؟ مَنْ يُوقِظُ صَوَاحِبَ الْحُجُرَاتِ ؟ يَا رُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الْآخِرَةِ» ([28]).
والمراد فتح الدنيا على العباد ، مما يفضي إلى تنافسهم فيها، والمراد بصواحب الحجر نساؤه، وإيقاظهن للصلاة في جوف الليل ([29]) .
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قُلْتُ لِلنَّبِيِّ e : حَسْبُكَ مِنْ صَفِيَّةَ كَذَا وَكَذَا  - تَعْنِي قَصِيرَةً - فَقَالَ :«لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ» ([30]).
وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، عَنْ جُوَيْرِيَةَ رضي الله عنها : أَنَّ النَّبِيَّ e خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ وَهِيَ فِي مَسْجِدِهَا ، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى وَهِيَ جَالِسَةٌ ، فَقَالَ :«مَا زِلْتِ عَلَى الْحَالِ الَّتِي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا»؟ قَالَتْ : نَعَمْ . فقال النَّبِيُّ e : «لَقَدْ قُلْتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَوْ وُزِنَتْ بِمَا قُلْتِ مُنْذُ الْيَوْمِ لَوَزَنَتْهُنَّ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ ، عَدَدَ خَلْقِهِ ، وَرِضَا نَفْسِهِ ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ» ([31]).
وكان e يحوطهن ويغار عليهنَّ ..
فعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ t أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ جُحْرٍ فِي دَارِ النَّبِيِّ e وَالنَّبِيُّ e يَحُكُّ رَأْسَهُ بِالْمِدْرَى ([32]) ، فَقَالَ :«لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكَ تَنْظُرُ لَطَعَنْتُ بِهَا فِي عَيْنِكَ ، إِنَّمَا جُعِلَ الْإِذْنُ مِنْ قِبَلِ الْأَبْصَارِ» ([33]).
وكان عليه الصلاة والسلام يشاور نساءه ..
لما فرغ من قضية الكتاب في الحديبية قال لأصحابه  :«قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمَّ احْلِقُوا»، فمَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ. حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنْ النَّاسِ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَتُحِبُّ ذَلِكَ؟ اخْرُجْ ثُمَّ لَا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ. فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ، نَحَرَ بُدْنَهُ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ. فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا ([34]).
وبالجملة فقد كان e أحسن الناس خلقاً في بيته ..
ولم لا يكون كذلك وهو القائل : «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا ، وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِكُمْ» ([35]) .
ومما يجلي ذلك :
أرادت صفية رضي الله عنها مرة أن تركب على ظهر بعيرها ، فوضع رجله على الأرض ، وصعدت صفية على ركبته إلى البعير  ([36]) .
وكان ينادي عائشة رضي الله عنها ويقول : «يا عائش»  بالترخيم ([37]).
وكان يسرب الجواري إلى عائشة رضي الله عنها لما كانت جارية ليلعبن معها  ([38]).
تقول أمنا عائشة رضي الله عنها : قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ e مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَوْ خَيْبَرَ ، وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ ، فَهَبَّتْ رِيحٌ ، فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَنْ بَنَاتٍ لُعَبٍ ، فَقَالَ :«مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ»؟ قَالَتْ : بَنَاتِي . وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَهُ جَنَاحَانِ مِنْ رِقَاعٍ فَقَالَ :«مَا هَذَا الَّذِي أَرَى وَسْطَهُنَّ» ؟ قَالَتْ : فَرَسٌ . قَالَ :«وَمَا هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ» ؟ قَالَتْ : جَنَاحَانِ . قَالَ :«فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ»؟! قَالَتْ : أَمَا سَمِعْتَ أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ ؟ قَالَتْ : فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ ([39]).
وعنها قال : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e يَتَّكِئُ فِي حِجْرِي وَأَنَا حَائِضٌ فَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ ([40]).
وتقول كذلك : كان النبي e يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى أَكُونَ أَنَا الَّتِي أَسْأَمُ ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ الْحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ ([41]).
وعَنْ شُرَيْحٍ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَأَلْتُهَا : هَلْ تَأْكُلُ الْمَرْأَةُ مَعَ زَوْجِهَا وَهِيَ طَامِثٌ ([42]) ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e يَدْعُونِي فَآكُلُ مَعَهُ وَأَنَا عَارِكٌ (4) ، وَكَانَ يَأْخُذُ الْعَرْقَ ([43]) ، فَيُقْسِمُ عَلَيَّ فِيهِ فَأَعْتَرِقُ مِنْهُ ثُمَّ أَضَعُهُ ، فَيَأْخُذُهُ ، فَيَعْتَرِقُ مِنْهُ ، وَيَضَعُ فَمَهُ حَيْثُ وَضَعْتُ فَمِي مِنْ الْعَرْقِ ، وَيَدْعُو بِالشَّرَابِ فَيُقْسِمُ عَلَيَّ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ ، فَآخُذُهُ ، فَأَشْرَبُ مِنْهُ ، ثُمَّ أَضَعُهُ ، فَيَأْخُذُهُ فَيَشْرَبُ مِنْهُ ، وَيَضَعُ فَمَهُ حَيْثُ وَضَعْتُ فَمِي مِنْ الْقَدَحِ  ([44]).
تدخل عائشة على زينب رضي الله عنهما وهي غضبى ، وتقول زينب للنبي e : أَحَسْبُكَ إِذَا قَلَبَتْ بُنَيَّةُ أَبِي بَكْرٍ ذُرَيْعَتَيْهَا ([45]) ، فقال النبي e لعائشة :«دُونَكِ فَانْتَصِرِي» ، قالت : فَأَقْبَلْتُ عَلَيْهَا حَتَّى رَأَيْتُهَا وَقَدْ يَبِسَ رِيقُهَا فِي فِيهَا مَا تَرُدُّ عَلَيَّ شَيْئًا ([46]) فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ e يَتَهَلَّلُ وَجْهُهُ ([47]).
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ e يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ  ([48]).
وَكَانَ الصحابة قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ e عَائِشَةَ ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ e أَخَّرَهَا ، حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ e فِي بَيْتِ عَائِشَةَ بَعَثَ صَاحِبُ الْهَدِيَّةِ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ e فِي بَيْتِ عَائِشَةَ ، فقلن أزواجه لأم سلمة : كَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ e يُكَلِّمُ النَّاسَ ، فَيَقُولُ : مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ e هَدِيَّةً فَلْيُهْدِهِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ . فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا ، فَقَالَتْ : مَا قَالَ لِي شَيْئًا . فَقُلْنَ لَهَا : فَكَلِّمِيهِ . فَكَلَّمَتْهُ حِينَ دَارَ إِلَيْهَا أَيْضًا ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا . فَسَأَلْنَهَا ، فَقَالَتْ : مَا قَالَ لِي شَيْئًا . فَقُلْنَ لَهَا : كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ . فَدَارَ إِلَيْهَا ، فَكَلَّمَتْهُ ، فَقَالَ لَهَا :«لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ ؛ فَإِنَّ الْوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ إِلَّا عَائِشَةَ » . فَقَالَتْ : أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بنته رضي الله عنها ، لتكلمه فَكَلَّمَتْهُ ، فَقَالَ :«يَا بُنَيَّةُ ، أَلَا تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ»؟  قَالَتْ : بَلَى . فَرَجَعَتْ إِلَيْهِنَّ ، فَأَخْبَرَتْهُنَّ ، فَقُلْنَ: ارْجِعِي إِلَيْهِ . فَأَبَتْ أَنْ تَرْجِعَ ، فَأَرْسَلْنَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ ، فَأَتَتْهُ ، فَأَغْلَظَتْ ، وَقَالَتْ : إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ الْعَدْلَ فِي بِنْتِ ابْنِ أَبِي قُحَافَةَ ، فَرَفَعَتْ صَوْتَهَا حَتَّى تَنَاوَلَتْ عَائِشَةَ وَهِيَ قَاعِدَةٌ فَسَبَّتْهَا ، حَتَّى إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ e لَيَنْظُرُ إِلَى عَائِشَةَ هَلْ تَكَلَّمُ ، فَتَكَلَّمَتْ عَائِشَةُ تَرُدُّ عَلَى زَيْنَبَ حَتَّى أَسْكَتَتْهَا ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ e إِلَى عَائِشَةَ وَقَالَ :« إِنَّهَا بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ » ([49]).
ودعا e مرةً أبا بكر ، فاستعذره من عائشة ، فبينا هما عنده قالت : إنك لتقول : إنك لنبي ، فقام إليها أبو بكر فضرب خدها، فقال النبي e: «مَهْ يَا أبَا بَكْرٍ ! مَا لِهَذَا دَعَونَاك» ([50]) .
يعرف مشاعرها وأحاسيسها
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعائشة: أنى لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت عنى غضبى.. أما إذا كنت عنى راضية فإنك تقولين لا ورب محمد.. وإذا كنت عني غضبى قلت: لا ورب إبراهيم؟؟ رواه مسلم
يقدر غيرتها وحبها
تقول أم سلمة: أتيت بطعام في صحفة لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، فقال: من الذي جاء بالطعام؟ فقالوا أم سلمة، فجاءت عائشة بحجر ناعم صلب ففلقت به الصحفة فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين فلقتي الصحفة وقال: كلوا، يعنى أصحابه، كلوا غارت أمكم غارت أمكم ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صحفة عائشة فبعث بها إلى أم سلمة وأعطى صحفة أم سلمه لعائشة"!!
يتفهم نفسيتها وطبيعتها
قال صلى الله عليه وسلم: ".. استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوجا فاستوصوا بالنساء خيرا" والحديث ليس على سبيل الذم كما يفهم العامة بل لتفهيم وتعليم الرجال. وفي الحديث فهم عجيب لطبيعة المرأة وفيه إشارة إلى إمكانية ترك المرأة على اعوجاجها في بعض الأمور المباحة، وألا يتركها على الاعوجاج إذا تعدت ما طبعت عليه من النقص كفعل المعاصي وترك الواجبات.
يشتكي لها ويستشيرها
استشار النبي صلى الله عليه وسلم زوجاته في أدق الأمور ومن ذلك استشارته صلى الله عليه وسلم لأم سلمة في صلح الحديبية عندما أمر أصحابه بنحر الهدي وحلق الرأس فلم يفعلوا لأنه شق عليهم أن يرجعوا ولم يدخلوا مكة، فدخل مهموما حزينا على أم سلمة في خيمتها فما كان منها إلا أن جاءت بالرأي الصائب: أخرج يا رسول الله فاحلق وانحر، فحلق ونحر وإذا بأصحابه كلهم يقومون قومة رجل واحد فيحلقون وينحرون.
يظهر محبته ووفاءه لها
قال صلى الله عليه وسلم لعائشة في حديث أم زرع الطويل والذي رواه البخاري: "كنت لك كأبي زرع لأم زرع" أي أنا لك كأبي زرع في الوفاء والمحبة فقالت عائشة بأبي وأمي لأنت خير لي من أبي زرع لأم زرع!!
يختار أحسن الأسماء لها
كان صلى الله عليه وسلم يقول لـ[عائشة] :" يا عائش، يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام". متفق عليه. وكان يقول لعائشة أيضا: يا حميراء، والحميراء تصغير حمراء يراد بها البيضاء.
يتكئ وينام على حجرها
تقول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض. رواه مسلم
لا يتأفف من ظروفها
تقول عائشة رضي الله عنها: كنت أُرَجِّلُ رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني أسرح شعره وأنا حائض.
يتنزه معها ويصطحبها
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث. رواه البخاري
يساعدها في أعباء المنزل
سئلت عائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت: كان في مهنة أهله. رواه البخاري
يقوم بنفسه تخفيفا عليها
سألت السيدة عائشة رضي الله عنها ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته؟ قالت: كان بشرًا من البشر، يخيط ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه. رواه الإمام أحمد
يتحمل من أجل سعادتها
دخل أبو بكر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو مغطَّى بثوبه، وفتاتان تضربان بالدف أمام عائشة فاستنكر ذلك، فرفع النبي الغطاء عن وجهه وقال: دعهما يا أبا بكر، فإنها أيام عيد.
يعطيها حقها عند الغضب
غضبت عائشة ذات مرة مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال لها: هل ترضين أن يحكم بيننا أبو عبيدة بن الجراح؟ فقالت: لا.. هذا رجل لن يحكم عليك لي، قال: هل ترضين بعمر؟ قالت: لا.. أنا أخاف من عمر.. قال: هل ترضين بأبي بكر (أبيها)؟ قالت: نعم!!.
يهديء من روعها
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غضبت زوجته وضع يده على كتفـها وقال: [اللهم اغفر لها ذنبها وأذهب غيظ قلبها، وأعذها من الفتن].
يهدي ويتودد لأحبتها
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذبح شاة يقول: أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة. رواه مسلم.
يمتدح ويشكر فيها
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام. رواه مسلم
يفرح عند فرحها
تقول السيدة عائشة رضي الله عنها ‏:‏ كنت ألعب بالبنات -أي‏:‏ بصورهن- عند رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وكانت تأتيني صواحبي فكن ينقمعن -أي يستترن- من رسول الله -صلي الله عليه وسلم- فكان يسربهن إليّ، أي‏:‏ يأمرهن بالذهاب إلي.
يسعد بفرحها ولعبها
تقول السيدة عائشة رضي الله عنها‏:‏ قدم الرسول -صلي الله عليه وسلم- مرة من غزوة وفي سهوتي -أي‏:‏ مخدعي- ستر،‏ فهبت الريح فانكشف ناحية الستر عن بنات لي لعب،‏ فقال‏:‏ ما هذا يا عائشة؟ قلت‏:‏ بناتي،‏ ورأى -صلى الله عليه وسلم- بينهن فرسا له جناحان من غير قاع -من جلد- فقال‏:‏ ما هذا الذي وسطهن؟ قلت‏:‏ فرس فقال -صلى الله عليه وسلم- فرس له جناحان؟ قلت‏:‏ أما سمعت أن لسليمان -عليه السلام- خيل لها أجنحة؟ قالت‏:‏ فضحك -صلى الله عليه وسلم- حتى رأيت نواجذه
يعلن حبه لها ويسعد بذلك
يقول صلى الله عليه وسلم عن خديجة "أنى رزقت حُبها". رواه مسلم
ينظر إلى أحسن طباعها
يقول صلى الله عليه وسلم: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر". رواه مسلم
لا ينشر خصوصياتها
يقول صلى الله عليه وسلم: إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها. رواه مسلم
يتطيب لها في كل حال
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كأني أنظر إلى وبيض المسك في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم وسُئِلَتْ عائشة: "بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك"
يحتمل صدودها ومناقشتها
عن عمر بن الخطاب قال: صخبت علىّ امرأتي فراجعتني، فأنكرت أن تراجعني! قالت: ولم تنكر أن أراجعك؟ فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه فلا يغضب.
لا يضربها ولا يعنفها
قالت عائشة رضي الله عنها: ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة له قط" رواه النسائي
يواسيها ويمسح دموعها
كانت صفية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وكان ذلك يومها، فأبطأت في المسير، فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى تبكي، وتقول حملتني على بعير بطيء، فجعل رسول الله يمسح بيديه عينيها، ويسكتها..."رواه النسائي
يضع اللقمة في فمها
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تنفق نفقة إلا أجرت عليها حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك" رواه البخاري
يحرص على احتياجاتها
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "أطعم إذا طعمت وأكس إذا اكتسيت" رواه الحاكم وصححه الألباني
يثق بها ولا يخونها
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً وأن يخونهم، أو يلتمس عثراتهم. رواه مسلم
يتفقد حالها ويسأل عنها
عن أنس رضي الله عنه قال: "كان صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار". رواه البخاري
يراعيها أثناء الحيض
عن ميمونة رضي الله عنها قالت: يباشر نساءه فوق الإزار وهن حُيّضٌ. رواه البخاري
يصطحبها في السفر
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه, فآيتهن خرج سهمها خرج بـها. متفق عليه
يسابقها ويلعب معها
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: تعالي أسابقك، فسابقته، فسبقته على رجلي" وسابقني بعد أن حملت اللحم وبدنت فسبقني وجعل يضحك وقال هذه بتلك!
يختار لها أحب الأسماء
عن عائشة قالت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل نسائك لها كنية غيري فكناها "أم عبد الله" رواه أحمد
يشاركها الفرحة والسعادة
قالت عائشة -رضي الله عنها- رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد، فزجرهم عمر -رضي الله عنه-، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "دعهم، أمنًا بني أرفِدة" يعني من الأمن، وفي لفظ قالت: "لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حِجرتي، -والحبشة يلعبون بِحِرابهم، في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم- يسترني بردائه، لكي أنظر إلى لعبهم، ثم يقوم من أجلي حتى أكونَ أنا الَّتي أنصرف. البخاري.
يشيع السعادة في بيته
عن عائشة رضي الله عنها قالت: زارتنا سودة يومًا فجلس رسول الله بيني وبينها، إحدى رجليه في حجري، والأخرى في حجرها، فعملت لها حريرة فقلت: كلى! فأبت فقلت: لتأكلي، أو لألطخن وجهك، فأبت فأخذت من القصعة شيئاً فلطخت به وجهها، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجله من حجرها لتستقيد منى، فأخذت من القصعة شيئاً فلطخت به وجهي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك. رواه النسائي
يحب ويحترم أهلها
عن عمرو بن العاص أنه أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي الناس أحب إليك يا رسول الله؟ قال: عائشة. قال من الرجال؟ قال: أبوها.
لا ينتقصها أثناء الأزمات
عن عائشة رضي الله عنها تحكي عن حادثة الإفك قالت: إلا أني قد أنكرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض لطفه بي، كنت إذا اشتكيت رحمني، ولطف بي، فلم يفعل ذلك بي في شكواي تلك فأنكرت ذلك منه كان إذا دخل علي وعندي أمي تمرضني قال: كيف تيكم! لا يزيد على ذلك. رواه البخاري.
يمهلها حتى تتزين له
عن جابر قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فلما رجعنا ذهبنا لندخل إلى بيوتنا فقال: أمهلوا حتى ندخل ليلا (من أجل أن يصلح النساء أنفسهن) حتى تمتشط الشعثة (أي تسرح شعرها)، وتستحد المغيبة (أي تزيل الشعر الزائد في جسدها). رواه النسائي.
يراعيها نفسيا حال مرضها
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحدٌ من أهل بيته نفث عليه بالمعوذات ورقاها بيديه. رواه مسلم
يحمل لها البشرى والفرح
عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن جبريل عليه السلام يقرأ عليك السلام قلت: وعليه السلام ورحمة الله.
وأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، هذه خديجة قد أتت معها طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب(اللؤلؤ المنظوم بالدرر) لا صخب فيه ولا نصب فبشرها صلى الله عليه وسلم وهو فرح لها.

وأستسمح القارئ الكريم أن أطرح هذا السؤال قبل أن أغادر لو تمثلنا بهذه الأخلاق في بيوتنا فهل يمكن للمشاكل الزوجية أن تعرف طريقاً إلى حياتنا؟
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .




[1] / ائتمنكم عليهن
[2] / الإيجاب والقبول .
[3] / صحيح مسلم (1218).
[4] / البخاري (3084) ، ومسلم (1468) .
[5] / ابن حبان (9/485) .
[6] / البخاري (3532) ، ومسلم (2435) .
[7] / البخاري (3534) .
[8] / أحمد (23719) .
[9] / مسلم (2435) .
[10] / صحيح البخاري (4815) ، وسنن أبي داود (1823) .
[11] / أحمد (25075) .
[12] / أحمد (16697) ، وأبو داود (2152) ، والنسائي (3522) ، وابن ماجة (2801).
[13] / زاد المعاد (1/152) .

[14] / البخاري والنسائي في الكبرى .
[15] / البخاري .
[16] / أحمد .
[17] / طعنت .
[18] / مسلم (1478) ، وأحمد (13991) .
[19] / مسلم (1213) .
[20] / صحيح البخاري (4824) .
[21] / ابن ماجة (1966) .
[22] / مسلم (2328) .
[23] / البخاري (5582) .
[24] / أبو داود (1834) .
[25] / أبو داود (1822) ، والترمذي (1059) ، والنسائي (3882) ، وابن ماجة (1961)  .
[26] / أبو داود (1823) .
[27] / البخاري (2404) ، ومسلم (2770) .
[28] / البخاري (112) .
[29] / انظر فتح الباري (1/210) .
[30] / أبو داود (4232) .
[31] / مسلم (2726) .
[32] / مشط .
[33] / البخاري (5469)، ومسلم (2156) .
[34] / البخاري (2529).
[35] / الترمذي (1082) .
[36] / البخاري (2081) .
[37] / البخاري (2978) ، ومسلم (2447) .
[38] / ابن ماجه (1972) .
[39] / أبو داود (4284) .
[40] / البخاري (288) ، ومسلم (301) .
[41] / البخاري (4835) ، ومسلم (892) .
[42] / حائض .
[43] / العظم الذي أُكل غالب لحمه .
[44] / النسائي (277) .
[45] / أي لا تتمالك نفسك من حب عائشة .
[46] / يعني أسكتتها .
[47] / أحمد (23479) ، وابن ماجة (1971) .
[48] / البخاري ومسلم.
[49] / البخاري (2393) .
[50] / مصنف عبد الرزاق (11/431) .