الأربعاء، 10 فبراير 2010

يا صاحب الرسالة .. الدكتور خالد أبو شادى 2

يا صاحب الرسالة ..  الدكتور خالد أبو شادى   2 

يا صاحب الرسالة كن..
أولا: مهموما بدعوتك:
لماذا الهم بالدعوة؟!
كيف لا تحمل هَمَّ دعوتك..
*وأنت ترى المنكرات تملأ الأرجاء حتى لو رآنا رسول الله ^ لأنكرنا.
وأنت تخرج للأسواق فلا ترى غير شباب تائه يبحث عن فريسة تتعرَّض له وتتهادي بين يديه!!
وأنت تعيش في أمة المليار ومع هذا لم تحصد في ميادين الإنجاز سوى الأصفار!!
وأنت ترى التبرج يستشري والعري يسري وحجاب بناتنا يذوي، وإن ارتدينه فمظهر لا جوهر وشخص بلا روح، فلا سلوك يدل عليه أو آداب تبشِّر به.
وأنت ترى غزة الأبية تعاني ما لو مَرَّ بالحديد لذاب و بالوليد لشاب؟!
وقد علا صوت الباطل وخفت صوت الحق، وصار الأمر إلى ما قال شيخ الإسلام مصطفى صبري:
إذا قلتُ المحال رفعتُ صوتي وإن قلتُ اليقين أطلتُ همسي
والدعوة كل يوم تطلبك وتستصرخ نجدتك وترتقب عودتك، ودينك الذي هو أغلى الأشياء أضحى وأمسى تحت القصف ولا ناصر أو مغيث؟!
1-قيمتك = هِمَّتك:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
«العامة تقول: قيمة كل امرئ ما يحسن، والخاصة تقول: قيمة كل امرئ ما يطلب»( ).
وفي ضوء هذه القول الساطع .. ما هو قدرك عند الله؟! كم تزن عنده؟! ما قيمتك الحقيقية من غير أموالك وجاهك وسلطانك؟!
تريد أن تعرف؟!
اسأل نفسك:
أي همٍّ تحمل؟!
دنيا زائلة ومتاع فان؟!
وظيفة مغرية تمتص رحيق شبابك لتذبل بعدها زهرة حياتك؟!
منصب مرموق تسعى إليه ثم تُعزَل عنه عاجلا أو آجلا؟!
امرأة تحبها ثم ينزل بكما الموت فتغادرها أو تغادرك؟!
أم أن همَّك جنةٌ أبدية عرضها السماوات والأرض، يفوز بأعلى درجاتها من بلغ أعلى درجات الإيمان في الدنيا، وهل أعلى من العمل أجيرا عند الله لتبليغ رسالته ونشر هدايته؟!
وهل هناك ما هو أحسن من الدعوة إلى الله؟!
والجواب حاضر في كتاب ربِّك :
ô﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [ فصلت: 33]

صاحب الرسالة خبير بالأعمال (ومراتبها عند الله، ومنازلها في الفضل، ومعرفة مقاديرها، والتمييز بين عاليها، وسافلها، ومفضولها وفاضلها، ورئيسها ومرؤوسها، وسيدها ومسودها؛ فإن في الأعمال والأقوال سيدا ومسودا، ورئيساً ومرؤوسا، وذروة وما دونها)( ).
وإنه لشرف عظيم ونعمة عظمى أن اصطفاك الله من وسط خلقه لتحمل رسالته، وتنال شرف الاتباع: اتباع النبي ^ واقتفاء أثره، وكفى بهذه شرفا، فهذه وحدها كافية للحشر تحت لوائه ومجالسته على سرير واحد في قصور الجنة، وهو ما علمته ثم عملت به -بارك الله فيك-حين غاب عن كثير ممن حولك.
يقول ابن القيِّم:
«
ولا يكون من أتباع الرسول على الحقيقة إلا من دعا إلى الله على بصيرة. قال الله تعالى: ﴿ قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين
4
﴾ تفسير لسبيله التي هو عليها، فسبيله وسبيل أتباعه: الدعوة إلى الله، فمن لم يدع إلى الله فليس على سبيله»( ).
والدعوة إلى الله تعالى -كما علمك من ربَّاك ودعاك- هي وظيفة المرسلين وأتباعهم، ولأنها أشرف المهام فقد سبقت غيرها من الأعمال كما أشار إلى ذلك ابن القيِّم:
«وتبليغ سنته إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو لأن ذلك التبليغ يفعله كثير من الناس، وأما تبليغ السنن فلا تقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفاؤهم في أممهم جعلنا الله تعالى منهم بمنِّه وكرمه»( ).
ولأن الدعوة سبقت غيرها من الأعمال فقد سبق حاملوها غيرهم من العباد. قال ابن القيم يصفكم ويثني عليكم:
«
وهؤلاء هم خواص خلق الله، وأفضلهم عند الله منزلة وأعلاهم قدرا»( ).
ولكن هذه الخيرية ليست مطلقة أو مرسلة دون دليل، بل تسبقها صحائف الأعمال، وتتكلم عنها سجلات الإنجازات، وفي مقدمتها:
«
كم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وضال تائه قد هدوه، بذلوا دماءهم وأموالهم دون هلكة العباد»( ).
من أجل هذا :t في وجودكم نعمة ربانية ومنحة إلهية تستحق الحمد، فقال tكلِّه رأى عمر بن الخطاب 
«
الحمد لله الذي امتن على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلَّ إلى الهدى»( ).

فكيف لا تحتل الدعوة بعد هذا كله قمة اهتماماتكم وذروة أولوياتكم، وكيف لا تتحرَّقون شوقا للعمل في صفوفها ورفع لوائها؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق